فيما يستعد الفلسطينيون لقرار إسرائيلي بضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية وغور الأردن، دأبت الأوساط العسكرية والأمنية الإسرائيلية على تقديم توصياتها في الآونة الأخيرة للمستوى السياسي بمواجهة الرفض الفلسطيني لخطة ضم المستوطنات، عبر التصعيد الميداني في الأراضي الفلسطينية.
لم يدفع انتشار وباء كورونا بين الفلسطينيين للانشغال عن ضم الضفة الغربية، بسبب خشيتهم الجدية من خطوات محتملة للحكومة الإسرائيلية، مما قد يدفعها لعدة خطوات تخفض المخاطر الناجمة عن خطة الضم.
صحيح أن النقاش الإسرائيلي يتركز بمعالجة كورونا، لكن الأراضي الفلسطينية تشهد انشغالا لافتا، بصورة لا تخطئها العين، من إجراء إسرائيل لخطوة سريعة متمثلة بضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية عشية تشكيل حكومة الوحدة.
إن خروج إسرائيل التدريجي من أزمة وباء كورونا يتزامن مع ما تواجهه من ساحة فلسطينية قابلة للاشتعال، مع وجود عدة مصادر تثير مخاوفها، أولها المس بالاقتصاد الفلسطيني المكون الأساسي لمنع اندلاع انتفاضة ثالثة، والثاني المخاوف الفلسطينية المتزايدة من استغلال إسرائيل لأزمة كورونا، بما يدفعها لإجراء تغيير في الأمر الواقع بالحرمين القدسي والإبراهيمي، والثالث مخاوف الفلسطينيين من توظيف إسرائيل لدعم واشنطن.
الخوف الإسرائيلي من السيناريو الأكثر تطرفا في الساحة الفلسطينية يتمثل في اندلاع مظاهرات عنيفة ميدانية، قد تؤدي لانهيار السلطة الفلسطينية، أو تفككها، ما يتطلب من إسرائيل اتباع جملة من الخطوات الميدانية العاجلة.
أولى هذه الخطوات هي الحفاظ على مستوى حياة الفلسطينيين في الضفة، واقتصاد السلطة الفلسطينية، والتوقف عن اتخاذ عقوبات ضدها، خاصة من جهة تقليص الأموال الشهرية المتمثلة بضرائب المقاصة، لأن اندلاع أزمة اقتصادية عاصفة في الأراضي الفلسطينية في هذه المرحلة الحالية قد يزيد من دائرة المشاركين في توجيه أعمال العنف ضد إسرائيل.
الخطوة الثانية هي رغبة إسرائيل على المدى القريب في تغيير الأوضاع الميدانية في الأماكن المقدسة الحساسة، خاصة الحرم القدسي، بعد أن أبدى فلسطينيون كثر خشيتهم من استغلال إسرائيل لوباء الكورونا لإغلاق الحرم القدسي، وتقليص صلوات المسلمين، وتوسيعها لدى اليهود.
الخطوة الثالثة هي التحسب لأن تبادر حماس بتوتير الأوضاع في الضفة الغربية، وهو أمر لم تشمله مباحثات التسوية مع الحركة في غزة، لكن حماس تعلم جيدا أن إشعال الضفة في ظل أجواء العداء المشحونة ضد إسرائيل لن يؤثر على سلطتها في غزة.
حتى هذه اللحظة، لا يعرف الفلسطينيون والإسرائيليون، إن كانت خطة الضم ستجد طريقها للتنفيذ على أرض الواقع أم لا، لاسيما في ضوء التجاذبات الإسرائيلية الداخلية، لكن الأمر كله يتطلب من إسرائيل الانتباه إلى تبعات هذه الخطة من الناحية الاستراتيجية على الساحة الفلسطينية.