فلسطين أون لاين

عندما تبدأ رغبة الزوج بـ"تغيير كنبة" وتنتهي بـ"تجديد العفش"

...
غزة - عبد الله التركماني

كان طموحه ينحصر بتغيير طقم الكنب في منزله بعد أن بلغَ من العمر عتيًا، وبات مسببًا لآلام الظهر وغير مريح لمفاصل الجسد؛ استشار زوجته لشراء طقم جديد أكثر راحةً وحداثةً وذي ألوان أجمل، فلمع بريق عينيها بما يؤشر إلى الموافقة الأكيدة.

الشاب محمد (31 عامًا) وهو اسم مستعار لشخصية حقيقية، كان واثقًا من أن هذا التغيير لن يكون ثقيلًا على جيبه ومُكلفًا جدًا، ولكنه لم يكن يعلم أنه سيفتح على نفسه باب إنفاق مدخراته على مصراعيه، بعد سنوات طويلة من العمل على جمعها.

السبب وراء ذلك يعود إلى أن محمد كان تفكيره منحصرًا في مجرد إجراء عملية تغيير بسيطة محدودة التكلفة، وما لم يخطر على باله أنه لمجرد إجراء هذا التغيير، فإنه سيُفرض عليه إجراء تغيرات إضافية لضمان تناسق ألوان "غرفة الضيوف" مثل تغيير دهان الغرفة، والستارة، والسجادة وحتى النجف والأنتيكا.

يقول محمد لصحيفة "فلسطين": "كان طموحي بكنب أكثر راحة، وما إن اتفقت مع أحد النجارين على صناعة طقم كنب جديد، حتى بدأت زوجتي تقذفني بالمفاجآت التي لم أحسب حسابها، وانتهت القضية بتغيير أكثر من 90% من أثاث المنزل والدهان والموكيت والسجاد".

وأضاف: "عندما طرحت فكرة تغيير طقم الكنب كان بالي مشغولًا في حساب تكلفته، فيما تفكير زوجتي كان مشغولًا في حساباتٍ أخرى تشمل أشياء كثيرة في المنزل ترى أن مسألة تغييرها مرتبطة ارتباطًا مؤكدًا بتغيير طقم الكنب".

ويرى محمد أن زوجته لربما كانت صائبة في إجراء التغيرات اللاحقة، من أجل ضمان تناسق الألوان، وهو مقتنع تمامًا أن بيته أصبح أجمل كثيرًا، ولكنه يقول في ذات الوقت: "لو كنت أعلم منذ البداية أن هذه التغييرات الكثيرة ستلحق طموحي بتغيير طقم الكنب، لقتلت طموحي في مهده".

قصة محمد تثير قضية لطالما كانت محل جدل بين الزوج والزوجة وهي "فلسفة الشراء والتجديد"، حيث تشير دراسات اجتماعية إلى أن الزوج عادةً ما يكون مترددًا جدًا عند إجراء عمليات التجديد والتغيير ولا يفضل التوسع بها، على عكس الزوجة التي تندفع بقوة دون تردد في هذا الاتجاه على سبيل المباهاة أو منافسة أقربائها أو جاراتها.

وهذا ما يحدث تمامًا عند تسوق الزوجين في أحد المولات أو في محل تجاري لشراء بعض المستلزمات التي تنقصهم، حيث ينحصر تفكير الرجل في شراء الاحتياجات المهمة التي كتبها في نوتته الخاصة، فيما لا ينحصر تفكير معظم الزوجات في هذه النوتة ليمتد لشراء كل ما يبرق أعينهن.

الشاب رامي أبو العطا (29 عامًا) الذي يعمل في مجال تصنيع الأدوات الصحية، يواجه مسألة تفاوت الرغبات الشرائية بينه وبين زوجته بشكل مستمر، يقول لصحيفة "فلسطين": "إن زوجتي تراعي مسألة حدود الراتب الشهري وما يجب إنفاقه وما يجب ادخاره وهذا أمر جيد بالنسبة لي، ولكنها في ذات الوقت تملأ منزلنا بالكثير من الأشياء غير الضرورية".

يحاول أبو العطا كثيرًا التهرب من مرافقة زوجته خلال التسوق، لأنه سيتوجب عليه دفع ثمن الكثير من الأشياء التي لا يرغب بشرائها، ولكنه يحافظ على تطبيق المثل القائل "لا تدخل السوق وأنت جائع"، وهو ما يعمل عليه من أجل عدم إثارة شهية شراء أشياء غير ضرورية.

تفاوت الرغبات

الخبير الاجتماعي إياد الشوربجي، يرى أن الفلسفة الشرائية تعد ضمن الأشياء التي يجب أن يتفق عليها الزوجان خلال فترة الخطوبة، والتي تعني إدارة فقه الأولويات أو الإدارة المالية للأسرة، وقال لـ"فلسطين": "يجب على الزوجين رسم حدود الحاجات الضرورية والحاجات الثانوية، فهناك متطلبات مهمة وأشياء يمكن الاستغناء عنها أو تأجيل شرائها إلى الوقت المناسب".

وأوضح أن هناك عدة معايير حول اختلاف هذه الفلسفة بين الزوج والزوجة، أهمها التنشئة الاجتماعية لكلاهما قبل الزواج، وحدود الدخل الشهري وتعدد مصادره، ومستوى احتياجات الأسرة، ومفهوم الشراء لدى الطرفين.

وبيّن الشوربجي أنه من الضرورة بالإمكان أن تقدر الزوجة احتياجاتها بشكل جيد وتراعي في ذات الوقت القدرة الشرائية لزوجها، وتقدر التزاماته المالية، وعدم طلب أشياء مبالغ فيها، ولكنه شدد في ذات الوقت على ضرورة أن يوفر الزوج متطلبات الزوجة واحتياجاتها الضرورية بشكل أساس.

ومن جهة ثانية، أشار الخبير الاجتماعي إلى حالة امتلاك الزوجة لذمتها المالية كأن تكون موظفة وقادرة على شراء احتياجاتها من مالها الخاص، وقال: "هذا لا يعني الإسراف حتى لو من حسابها الخاص؛ يجب أن يكون هناك اتفاق مع الزوج في طريقة الإسراف لأن تنشئة وتكوين الأسرة يحتاج إلى تحمل مسئوليات من كلا الطرفين".