لا جديد في خبر تسليم الشرطة الفلسطينية عددًا من المستوطنين اليهود، ضلوا طريقهم إلى مدينة رام الله أو أريحا أو الخليل، لقد تكرر الخبر في أكثر من مكان، وخلال أكثر من عشرين عاماً، جرى إعادة عشرات المستوطنين والجنود الذين وقعوا في أيدي قوى الأمن الفلسطينية.
ولا جديد في هذا الشأن فيما لو تساءل الفلسطينيون عن موضع الندية في الاتفاقيات الموقعة مع الإسرائيليين، والتي تجيز للإسرائيليين الوقوع في الخطأ، أو التسلل المتعمد، والوصول إلى قلب المدن العربية، ومن ثم العودة إلى بيوتهم بسلام، بينما لا تجيز تلك الاتفاقيات للفلسطيني أن يخطئ ولو قليلاً، فيؤخذ للتحقيق إذا اقترب من سياج مستوطنة يهودية، ويعاقب بالسجن.
الجديد في الخبر الذي نشرته صحيفة هآرتس عن قيام الشرطة الفلسطينية باعتقال اثنين من علماء الآثار الإسرائيليين في المنطقة "ج" شمال الضفة الغربية، وصادرت أسلحة كانت بحوزة مرافقين لهم، لتقوم بتسليمهم بعد ساعة.
والجديد المفاجئ هو قدرة الشرطة الفلسطينية على العمل في منطقة ج حيث السيطرة الأمنية والإدارية للأجهزة الأمنية الإسرائيلية! فمنذ متى سمح للشرطة الفلسطينية بحمل السلاح، والعمل في منطقة ج؟
إن وراء هذا الخبر ما هو أبعد من مجرد تدخل الشرطة الفلسطينية واعتقال ثلاثة علماء آثار وحارسهم، ومصادرة سلاحهم، ومن ثم تسليمهم للأمن الإسرائيلي، كما ذكرت قناة 7 التابعة للمستوطنين، والتي أكدت على احتجاج رئيس مجلس مستوطنات الضفة على تسليم الأسلحة لعناصر من الشرطة الفلسطينية.
الخبر الذي نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية لا يمكن فصله عن مشروع ضم المستوطنات، ولا يمكن فصل الخبر عن منطق التحريض على الإسراع في الضم، والحض عليه من خلال تقديم الذرائع والأسباب الأمنية، لذلك طالب المستوطنون من وزير الجيش فتح تحقيق في ظروف الحادثة، واعتبروا تسليم السلاح تعريضًا لحياة الإسرائيليين للخطر.
الفلسطينيون يواجهون مخططات إسرائيلية تستهدف وجودهم، ومع ذلك، فهم ينتظرون، الفلسطينيون قيادة وشعباً لا يفعلون شيئاً، وهم يرون الخطر الذي يحيط بقضيتهم، ويقدرون عظم المأساة التي ستطبق على عنق الأرض، بل ويتوقعونها، ولكنهم لا يحركون ساكناً، إنهم ينتظرون، ويلومون صمت الدول العربية، بينما هم لا يغضبون، الفلسطينيون لا يغضبون، وهذه قمة النكبة التي سمحت بتمرير معظم بنود صفقة القرن تحت سمع وبصر قياداتهم التي أتقنت فن الشجب والاستنكار، حتى وصل الأمر بالسفير الأمريكي في (إسرائيل) ليقول: عندما يوافق نتنياهو على التفاوض مع الفلسطينيين وفق بنود "صفقة القرن"، وقد وافق نتنياهو على ذلك منذ البداية فإن أمريكا ستعترف بسيادة (إسرائيل) على المناطق التي ستصير جزءاً من دولتهم بموجب الخطة.!
ملحوظة: قديماً كان شعار الثورة الفلسطينية "وإننا لمنتصرون"
حديثاً صار شعار القيادة الفلسطينية "وإننا لمنتظرون".