لا يهتم الفقراء كثيراً بما يجري على الأرض من خلافات بين التنظيمات الفلسطينية، إذ يهتم الفقراء بموعد صرف شيك الشؤون الاجتماعية أكثر من اهتمامهم بالجهة التي صرفت لهم الشيك، فحياة الفقراء وحياة أولادهم تتوقف على هذه المساعدات، ينتظرونها بشوق، ويعدون أيامها، ويعطون المواعيد لسداد الديون وفق موعد صرف الشيك، وعليه فإن الواجب يقضي بأن يكون شيك الشؤون الاجتماعية خارج إطار الخلافات الحزبية والانقسامات التنظيمية، وبعيداً عن كل أشكال التنافس على القرار السياسي أو الوظيفي.
السيد أحمد مجدلاني، وزير الشؤون الاجتماعية زج بشيك الشؤون الاجتماعية في الاختلافات القائمة بين الموظفين على آلية تسيير عمل الوزارة في غزة، وقال لوكالات الأنباء: نحن لا نعمل صرافاً آلياً لحركة حماس، وأضاف: ومن الآن فصاعداً، على حركة حماس أن تتحمل المسؤولية المباشرة عن كل القطاع الاجتماعي في قطاع غزة!
لقد أخطأ الوزير من حيث قدر أن شيكات الشؤون الاجتماعية تخص حركة حماس وحدها، فالفقراء هم من عامة الشعب الفلسطيني، وحقهم على جميع التنظيمات سواء، ومسؤولية السلطة الفلسطينية تجاه الحالات الاجتماعية في غزة تتجاوز الخلافات التنظيمية، ولاسيما أن مصدر التمويل لهذه المساعدات هو الدول المانحة، ونسبة التمويل الأكبر من دول الاتحاد الأوروبي، وقد خصصت لعموم الشعب الفلسطيني، ولن يسمح الممول بالتوقف عن صرف المساعدات، وقد تضغط في الأيام القادمة على السلطة كلها لمواصلة صرف المساعدات، فدور السلطة الفلسطينية تنظيم آلية صرف تلك المساعدات. فإذا كان موظفو الضفة الغربية هم الأقدر على تحديد الفئات الأكثر عوزاً في الضفة، فإن موظفي غزة، هم الأقدر على تحديد الفئات الأكثر عوزاً في غزة.
لقد دأب قادة السلطة الفلسطينية على الاستخفاف بأهل غزة، وترديد جملة "لن نكون صراف آلي لغزة" في هذه الجملة تنكر للحقيقة، وتشويه لصورة غزة، لأن غزة ابنة فلسطين، وليست نطفة غريبة، وليست مولوداً مشوهاً، لا أب له ولا أم، غزة فلسطين، وفلسطين غزة، ولا أحد يتمنن على أهلها، فلهم الحق في كل شيكل إسرائيلي يدخل ميزانية السلطة، وبالتساوي مع أهلهم في الضفة الغربية، ودون ذلك، فلا أحد يصرف على أهل غزة والضفة الغربية من عزبة أبيه، أو من أمواله الخاصة، هذه مالية السلطة، والسلطة بعض الوطن، و الوطن لكل الفلسطينيين دون تمايز.
الشعب الفلسطيني يتمنى ألا تشتعل نار الانقسام من جديد، ليحترق في لظاها الفقراء، ولو إلى حين، ويتمنى شعبنا ألا تؤثر خلافات الموظفين على سير العمل، وللوزارة في غزة كل الحق بضبط المسار الوظيفي وفق المصلحة العامة.