وسط الانشغال الإسرائيلي بوباء كورونا، وحجم الاستنزاف المالي والأمني لمواجهته، تصدر انتقادات إسرائيلية عما يمكن وصفه "تلعثمها الأمني"، فيما يتعلق بالقوى المعادية لها، سواء حزب الله في لبنان وسوريا، أو حماس في غزة، ورغم أن الهجمات الإسرائيلية في سوريا تشكل "الحل المعياري" للصداع المزمن القادم من الشمال، وليست أبعد من ذلك.
ساهمت أزمة كورونا في تحويل الانتباه الإسرائيلي، والتركيز على المجهود مع هذا العدو الوبائي، لكنها في غمرة ذلك تناست، ولو مؤقتًا، العدو العنيد الذي يواصل تقطير الهجمات في كل فرصة، ولئن كان كورونا سيحصل على لقاح، وتطوير طرق للوقاية من العدوى، فإن التنظيمات المسلحة المعادية ليس لدى إسرائيل العلاج الحاسم لمواجهتها.
يلاحظ الإسرائيليون أن جيشهم يبذل جهودًا هائلة لمواجهة هذه التحديات، لكنهم في الوقت ذاته يعتقدون أن قبطان المنظومة الأمنية الإسرائيلية نائمين في الحراسة، ولا يبدون متحمسين للغاية للهجمات في سوريا، رغم أنها توفر استخبارات ممتازة، وقدرات كبيرة من سلاح الجو، وتخفف من ألم الصداع، لكنها لن تمنع التهديد الماثل، فما يحصل من استهدافات إسرائيلية بين حين وآخر، في أكثر من جبهة، مبادرة صغرى، وتشبه عاصفة في كأس ماء.
وفيما يواصل الجيش الإسرائيلي بذل الجهود الأمنية ضد القوى المعادية، لكن هذه الجهات لا توزع الأكاليل، وتواصل محاولة إيذاء إسرائيل في العديد من الهجمات، وكأن "محور الأعداء" لا يستريح.
خلال سنوات عديدة، وقعت إسرائيل في أسر استراتيجية الدفاع، وباتت مبادراتها الهجومية القليلة جزء من موقفها الدفاعي، لذلك وقعت في مفهوم سلبي، تحت عذر الخوف من تهور العدو، مع أن كل شيء يسير ببطء، ويتم النشاط على مراحل، وكل ذلك تعبير عن الضعف، لأنه ليس لدى إسرائيل الشجاعة للعمل بكل قوتها في مجال الهجمات الهجومية.
الاعتقاد الإسرائيلي الخاطئ عن عدوها تسبب في فقدان قدرتها على دفع ثمن النصر، فلن نشتريه بالمال، أو حتى بامتيازات على الأرض، لأن منصات إطلاق صواريخ الأعداء لن تختفي، ولن تصدأ، وإذا لم توقع الهزيمة بحق أعداء إسرائيل، فالخشية الإسرائيلية أنها ستدفع الثمن الغالي والمؤلم في المستقبل، وإن لم ترغب في الانجرار خلفهم، فلعلها مدعوة للتوقف عما يمكن وصفها المساومة، لأن الإسرائيليين غير مغرمين بنيل جائزة نوبل للسلام.
الخلاصة أن الإسرائيليين يجدون أنفسهم مدعوين لاتخاذ مبادرة هجومية تجاه أعدائها، واتخاذ قرار واضح بأن ما توصف بأنها "حرب الوجود" الإسرائيلية ليس لها موعد نهائي، وفي هذه الحالة تكمن القوة المناعية في توفير "حقنة" النصر الحاسمة، إن لم يكن غدًا، فسيكون في اليوم التالي، لكنها لا تبدو تلوح في الأفق في المديين المنظور والمتوسط، في ضوء الضعف البادي على الأداء العسكري الإسرائيلي.