فلسطين أون لاين

عاد رمضان يا غزة

شكرًا لتجاعيد تلك المسنة التي كانت تمشي بثقة في أحد شوارع غزة، التي كأنما رسمت خريطة تحمل في طياتها العبر والمحطات التي عاشتها، وتبدو كما لو لم تهرم قط، وبين ثناياها موجات من التفاؤل بحلول شهر رمضان، وهي تقول لحفيدها ما تسلل لأذني: "افرح يا ستي بشهر الخير".

وشكرًا لكل من نثر بهجته بحلول الشهر الكريم، بدءًا من طيب فعله وقوله ونواياه، مرورًا بتعليق الزينة والفوانيس ذات الألوان التي تسر الناظرين.

تستقبل غزة رمضان بالأحضان، متحدية الصعاب التي يتمثل أبرزها هذا العام في جائحة كورونا التي وجدت لها سبيلًا في معظم دول العالم، ولا يزال القطاع يسلك كل طريق للوقاية منها.

جاءت هذه الجائحة لتضاف إلى الحصار، وآثار الاحتلال، لكن غزة لا تزال صامدة، بما أوتيت من إرادة وحب للحق والحياة، وهي التي واجهت ثلاث حروب عدوانية في بضع سنين.

وفي إثر هذه الجائحة، اتخذ أهل الاختصاص في غزة قرارًا باستمرار وقف صلاة الجمعة والجماعة لكون المخاطر المتعلقة بفيروس كورونا لا تزال قائمة، ما يتطلب الاستمرار في إجراءات الوقاية والسلامة على أن يستمر العمل بهذا القرار إلى حين تغير المعطيات.

حلّ رمضان وكثيرون حددوا مخططاتهم للتسابق نحو الحسنات والعمل الصالح، وكيف سيستثمرون هذا الشهر العظيم، في هذه الظروف.

إن رمضان فرصة لنتنافس في تقييم وتقويم أنفسنا، واختبار صبرها وسلامتها، وها هو الباب مفتوح أمامنا –وإن أغلقت المساجد مؤقتًا- لأداء الصلاة ومنها التراويح في منازلنا مع اتخاذ إجراءات الوقاية، وصيام أيام الشهر بنية خالصة لله، وأن نحسن معاملة أهلنا وأرحامنا وجيراننا ومحيطنا ومجتمعنا، وأن نقول لهم حسنًا، ونمد لهم يد الخير والإحسان، ونعفو عمن ظلمنا، ونسامح من أساء إلينا.

بقلب نقي بهي تملكه غزة، يعود إليها رمضان –رغم جائحة كورونا- بفرحه وسروره الذي يرتسم في كل حارة وشارع وزقاق، وسيأتي العام القادم -إن شاء الله- وهي بأفضل حال برحمة الله ثم بما صبرت وأحسنت واتخذت من إجراءات الوقاية والسلامة.