يُقبل علينا شهر رمضان بحلةٍ مختلفة، لم نألفها، تساءلنا كثيرًا عن شكله ولونه في أيامنا الماضية، وكيف نتعاطى معه بصورة جديدة، وضوابط عديدة، نخشى القادم ونحن الذين كنا نتمنى وندعو أن يأتي بشكل جديد خروجًا من روتين الأيام ونمطية الليالي.
وفعلًا تحقق لنا ما نصبو إليه ونرغب، تجديد واختلاف ربما جذري في كثير من علاقاتنا وأنشطتنا الرمضانية المعهودة، التي كنا نعاني أعباءها الاقتصادية تارة، والتعقيدات الاجتماعية المرهقة تارة أخرى.
وها قد يأتي رمضان بثوب جديد ينظم علاقاتنا الاجتماعية ويضبطها، ويخفف أعباءنا الاقتصادية، فهي فرصة جميلة ونادرة الحدوث، جاءت على طبق من رغباتنا وأُمنياتنا، فرصة للخروج من نمطية السلوك إلى متعة التجديد، الخروج من القوالب والأفكار المخزونة التي طالما شكلت كثيرًا من قناعاتنا إلى ممارسة عملية تحقق ذواتنا.
رمضان اليوم بقالبٍ جديد أكثر بعدًا عن المحيطين والمخالطين وأكثر قربًا إلى المولى (عز وجل)، أكثر قربًا من فلسفة رمضان التي غُيبت سنين ماضية وقتلت فيه كثيرًا من المعاني والقيم باسم عادات وتقاليد، فهل رمضان اليوم فرصة جميلة لإعادة رسم سياسات رمضانية متوازنة مع الروح والجسد، وإعادة تشكيل قناعات أكثر عمقًا وفهمًا لحكمة الصيام والتعاطي مع تفاصيل رمضان باسترخاء أكبر وروية؟
وكأن أقدار الله تتدخل لتعيد توجيه بوصلة قلوبنا نحو تعزيز العلاقة مع الله، وإعادة تشكيل عباداتنا لنخرجها من النمطية والتكرار، إلى عمق الفهم مع رب الأبرار.
والسؤال: هل سيخرج رمضان من ثوب الطعام والابتداع في موائده إلى الإشباع على موائد الرحمن؟، أليست الفرصة سانحة في زمن الجائحة؟، فهلا استقبلنا رمضان بابتسامة المحب والعاشق لمعانيه وقيمه لنعظم شعائر الله، وننزل فروضه موضعها ونقدر الله حق قدره بالالتزام بأوامره والابتعاد عن نواهيه.
يا أحبتي، من عظمة الله أن جعل لنا مواسم ومواقيت، رمضان من أجملها وأكثرها أجرًا، فلا تُفوت فرصة ربانية تعيد التوزان إلى روحك والأمل إلى قلبك، والصحة إلى بدنك.
هذا رمضان ضعف وجوع لتقوى ولتملأ روحك تقوى، من معية الله، وبعدًا عن الشهوة، رمضان فرصة لإعادة ضبط البوصلة نحو الشمال، نحو الهدف الأصيل، حيث رضا الله وطاعته،
أهلًا رمضان حتى لو ...، أهلًا رمضان لكن بثوب جديد نحيكه نحن لأنفسنا لنلبس رضا الله غطاء وسترًا.