صعدت روح القائد القسامي المحرر من سجون الاحتلال مازن فقها إلى بارئها بعملية اغتيال جبانة، مساء الجمعة، ليترك وراءه بصمة نضال مشرقة من العمل الفدائي التي كانت بمثابة نارٍ لم يخمد لهيبها في قلب المحتل الإسرائيلي وصناع سياسته رغم تعاقب الأيام والسنين.
ذاكرة حية من التاريخ النضالي لم ينسها المحتل للمحرر فقها ورفاقه الآخرين الذين أطلق سراحهم رغم أنفه، في صفقة "وفاء الأحرار"، فهم في نظره من أصحاب الأيادي الملطخة بالدماء، وأن تصفية الحساب معهم لا بد أن تكون في الوقت والمكان المناسبين وذلك وفقًا لما يراه ويؤكده أسرى محررون.
الأسير المحرر رجائي الكركي، أكد أن الأسرى من صفقة "وفاء الأحرار" خاضوا قبل اعتقالهم مسيرة مشرفة من النضال والعمل الفدائي، شكلت رُعبًا حقيقيًا في صفوف قيادة الاحتلال ومجتمعه، وأن الإبقاء عليهم في الأسر حتى الموت كان هو أقل ما يراه المحتل شفاءً لما في صدره من غليل تجاههم.
وقال الكركي لـ"فلسطين"، إن إرغام المقاومة على الخضوع للمحتل في مقابل إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليط، جاء بمثابة صفعة قوية على جبينه، وقد حاول إطالة عمر مفاوضات الصفقة التي وصلت 5 سنوات في دليل واضح أن للأسرى الذين أطلق سراحهم وزنًا ثقيلًا في مقياس اعتباراته وحساباته.
وشدد على أن الاحتلال بعد إطلاق سراح ما يزيد على ألف أسير ضمن صفقة التبادل، لم ينس "حساباته القديمة" معهم، وأن تمحى دفاتر هؤلاء المحررين الذين شاركوا شخصيًا في عمليات فدائية أزهقت الكثير من أرواح المستوطنين.
ولفت الكركي إلى أن الاحتلال باغتياله فعليًا للأسير فقها يحاول أن يوصل رسائل لبقية زملائه المحررين ضمن الصفقة بأن يده طويلة ولم تنس ما حدث منهم، مبديًا تقديره بأن رسائل الاحتلال حققت نتائج عكسية في صفوف المحررين، حيث زادت عزيمتهم وقوتهم وإصرارهم وصلابتهم، وفقًا لاطلاعه.
الأسير المحرر طارق عز الدين، قال إن صفقة وفاء الأحرار كانت بمثابة الضربة القاصمة للاحتلال، ومرغت أنفه في التراب.
وأشار عز الدين لـ"فلسطين"، إلى أن الأسرى ووقت وضعهم في حافلات خاصة لنقلهم للجانب المصري لتنفيذ صفقة التبادل، وجدوا "حقدًا وغيظًا" يملآن أعين السجانين وضباط مخابرات الاحتلال، وهو ما أيقن في صدور الأسرى أن المحتل "لن يصمت" تجاههم طويلاً.
وبين أن الاحتلال وبعد أقل من عام بدأ فعليًا بإعادة أسرى صفقة وفاء الأحرار ممن أفرج عنهم في الضفة الغربية إلى الأسر مع إكمال الأحكام السابقة عليهم، والوصول إلى من لا يستطيع اعتقاله بالاغتيال كما جرى مع المحرر فقها.
الأسير المحرر أحمد أبو طه، أكد أن الاحتلال الإسرائيلي، حاول جاهدًا بقدر الامكان تدفيع الثمن لكل من تسبب بضربة أمنية داخل كيانه، وألا يغلق "ملفات الحساب" إلا بعد الاقتصاص الكامل من أي شخصية كانت، مشيرًا إلى أن ذلك سياسة معلنة لدى الاحتلال.
وأشار لـ"فلسطين"، إلى أن الأسرى المحررين ضمن صفقة "وفاء الأحرار" وقبل الإفراج عنهم تمَّ تهديدهم مباشرة من ضباط الاحتلال، بأنهم لن يُتركوا وستتم ملاحقتهم ومتابعتهم، فيما جرى بعد الإفراج عنهم مواصلة هذا التهديد ونقله لهم عبر ذويهم، سيما للذين وجد الاحتلال فيهم دورًا فاعلاً خلال انتفاضة القدس.
ولفت أبو طه إلى أن الاحتلال وضمن استهدافه للأسرى المحررين، أعاد بعض من أفرج عنهم في الضفة إلى السجن، وحاسبهم على ملفاتهم القديمة، وأن ذلك دليل على أن ملفات هؤلاء الأسرى لم تغلق عند الاحتلال.
وقال علام الكعبي وهو أسير محرر إن الاحتلال يدرك تمامًا الأثر الكبير الذي تركه الأسرى المحررون ضمن صفقة التبادل "وفاء الأحرار"، قبل اعتقالهم من أعمال فدائية، وأن هذا التاريخ لم ينس مطلقًا لدى المحتل وأجهزة مخابراته.
ولفت الكعبي لـ"فلسطين"، إلى أن دولة الاحتلال ووفقًا لتاريخها الدموي لا يمكن أن تتجاوز وجود أسير خارج الأسر وقد نفذ عملاً بطوليًا ضد مستوطنيه، حيث يحاول الاحتلال الاثبات للمستوطنين أنه قادر على حمايتهم ومحاسبة من يخترق أمنهم.
وأكد الكعبي أن استهداف الأسرى المحررين بالسجن أو الاغتيال سبق وأن تحدث الاحتلال بها علانية عبر إعلامه قبل الافراج عنهم، وأن لديه خططًا بديلة لتصفية ما يسميه الحساب معهم أينما كانوا.