فلسطين أون لاين

لمواجهة تداعيات "كورونا"

اقتصاديان: غياب الخطة الاقتصادية الشاملة لحكومة اشتية ولّد أزمات معقدة

...
غزة- رامي رمانة

قال اختصاصيون اقتصاديون إن عدم اتباع حكومة اشتية خطة اقتصادية شمولية في مواجهة جائحة "كورونا" تسبب في بروز مشكلات اقتصادية بدأ يشتد وقعها حاليا، وإن موازنات الطوارئ المتبعة منذ سنوات أشبه بالمسكنات، وتغلب مصالح قطاعات على حساب أخرى، وتحرم المواطن من برامج تنموية تسهم في الحد من معدلات الفقر والبطالة.

وكشفت الإجراءات المتبعة للحد من انتشار "كورونا" ضعف أداء حكومة اشتية في سد العجز الاقتصادي، وسط تساؤلات عما إذا كانت الحكومة تنتهج خطة اقتصادية للتعاطي مع هذا الوباء أم تسير بخطوات ارتجالية.

وصرح اشتية أن الاقتصاد الفلسطيني يحتاج إلى فترة 12 شهرا من أجل التعافي، وذكر أن معدل النمو الاقتصادي "سيكون سالبا بشكل كبير"، وسوف يدخل الاقتصاد العالمي في حالة من الركود والانكماش، وكذلك الاقتصاد الفلسطيني.

غياب الخطة

الاختصاصي الاقتصادي د.سمير حليلة يعتقد عدم وجود خطة اقتصادية حكومية بمعناها الشمولي لمواجهة جائحة كورونا كما هو متبع  في الشق الصحي، وأن المتتبع لأداء حكومة اشتية الاقتصادي يتبين له وجود خطط قطاعية فردية، كخطة اقتصادية في المجال السياحي، والزراعي، وغير ذلك.

ويفسر حليلة في حديثه لصحيفة "فلسطين" عدم اتباع خطة اقتصادية شاملة بأنه قد يرجع لضعف الإمكانات؛ وهو مبرر تسوقه الحكومة بدرجة أولى وتتمسك به بقوة، وقد يرجع إلى مبرر آخر لا تعلنه الحكومة صراحة، وهو أن الخطة الاقتصادية لا تخدم الكل بل سيستفيد منها القطاع الخاص، وفي نظرهم أن القطاع يمتلك رأس مال ويمكنه الخروج من الأزمة وحده.

ويختلف حليلة مع ما عده توجه حكومة اشتية في إعطاء الجانب الصحي الاهتمام الأكبر على حساب الجوانب الأخرى التي لا تقل أهمية، كالجانب الاقتصادي، إذ إن المؤشرات الاقتصادية اليوم حسب حليلة تسجل أرقاما سلبية لها أبعادها على الناتج القومي، ودورة عجلة الاقتصاد.

 وأكد أن دور الحكومة يجب أن ينتقل من الدائرة الاقتصادية الضيقة التي تحصرها في كيفية تأمين رواتب الموظفين في القطاع الحكومي إلى دائرة أوسع تشمل تأمين نفقات مالية لبقية أفراد المجتمع المتضررين.

ويرى الاختصاصي أنه ينبغي على الحكومة أن تكثف في الوقت الحالي جهودها في الجانب الاجتماعي بجانب الصحي، خاصة مع دخول شهر رمضان.

ورجح أن تعيد الحكومة في مايو المقبل العمل التدريجي في بعض القطاعات الإنتاجية، خاصة في البناء والتشييد، والحجر والرخام، والأشغال الفردية، ثم يتبع في يونيو تنفيذ خطة إنعاشية، كأن تدفع الحكومة بالبنوك لتقديم قروض حسنة، أو قروض بفوائد مبسطة وذات فترات تسديد مطولة لكي  تتمكن القطاعات الإنتاجية من إعادة نشاطها، مع تخفيض الرسوم والضرائب أو وقفها لفترة مؤقتة لحين تعافي القطاع الإنتاجي والتجاري.

مسكنات لا تحل

ويتفق الاختصاصي الاقتصادي د. نائل موسى مع سابقه في غياب خطة اقتصادية حكومية للتعاطي مع كورونا، عازياً ذلك إلى التخبط المتبع في إدارة السلطة لأزماتها الاقتصادية والمالية أساسا، وعدم اعتمادها على دراسات اقتصادية سابقة وحديثة.

كما يتفق موسى في حديثه لصحيفة "فلسطين" مع حليلة في أن السلطة ستعيد النظر في إعادة فتح قطاعاتها الاقتصادية، لكنه أضاف أن ذلك سيكون مرتبطا بعودة النشاط في دول الإقليم لا سيما الأردن، حيث يتوقع ذلك بعد أسبوع أو اثنين من دخول شهر رمضان.

 كما انتقد موسى غياب الموازنة المالية العامة عن نشاط السلطة المالي منذ سنوات، وأن اللجوء لخطط الطوارئ مجرد مسكنات لا تحل المشكلة، بل يترتب عليها تأجيل المشكلات المالية التي تتراكم ويتعذر حلها لاحقاً، وتحرم الشعب من برامج تنموية.

ويرى الاختصاصي أن لجوء السلطة إلى الاقتراض مجدداً من البنوك وإن كان الأمر يسد أزماتها  الحالية، سيزيد لاحقاً من الدين العام، خاصة أن البنوك نسبة فائدتها مرتفعة جدا، كما أن استدانة الحكومة من البنوك ستحرم مؤسسات القطاع الخاص من الاقتراض. 

وكان وزير المالية بحكومة رام الله شكري بشارة، ومحافظ سلطة النقد عزام الشوا، أعلنا الأربعاء الماضي، اتفاقا على تمويل إضافي للحكومة من البنوك بمقدار 400 مليون دولار على مدى ستة أشهر، وهي فترة موازنة الطوارئ التي أقرها الرئيس محمود عباس في ظل حالة الطوارئ التي تعيشها البلاد في مواجهة جائحة "كورونا".

وأوضح بشارة أن الحكومة حافظت على مستوى اقتراض مصرفي لا يتجاوز 1.4 مليار دولار على مدى سبع سنوات، واضطرت لاقتراض 200 مليون إضافية لمواجهة أزمة المقاصة العام الماضي ليرتفع الإقراض المصرفي للحكومة إلى 1.6 مليار دولار حاليا، وبالتمويل الإضافي الجديد ترتفع مديونية الحكومة للبنوك إلى ملياري دولار.