فلسطين أون لاين

كورونا في عيون (تل أبيب)

مما يثير الإعجاب في الفكر والممارسة السياسية الصهيونية وجود رؤية استشرافية، فقادة الاحتلال يأخذون أي متغير مهما كان صغيراً أو كبيرا بعين الاعتبار.

بعد ظهور جائحة كورنا تداعت الامم للنظر في كيفية التعامل معه حاليا ومعرفة تأثيره لاحقا، على كل الصعد ، لكنها لم تبحث في مآلات وجودها في ارض الواقع ، إلا دولة الاحتلال، ترى لماذا؟

يدرك قادة دولة الاحتلال أن بقاءهم مرتبط ببقاء حبل الناس بعد فك الله حبله بهم، لذا ينظرون للمتغيرات الدولية على أنها قد تؤثر على بقاء كيانهم، وربما يقلقهم التفكير كثيرا بذلك لأنهم دولة بقاؤها متعلق بوجود عوامل موضوعية وذاتية، وأي خلل في مصادر القوة الخارجية التي تدعمهم، فهم إلى فناء، ورغم معرفتهم بأنهم سيزولون يوما ما، إلا انهم يغرسون اسس طموحاتهم في الارض ويجتهدون جدا لتحقيقها.

الشاهد لما سبق نشر معهد أبحاث الأمن القومي "الإسرائيلي" تقريرًا مفصلاً حول السيناريوهات الخطيرة التي تهدد "إسرائيل" بسبب فيروس كورونا، حيث تطرق لعشرة سيناريوهات محتملة قد تتحقق خلال أزمة  كورونا  باعتبار صعوبة توقع فترة استمرارها وخطورة إضرارها بالدول، وبالكيانات وبالأفراد وكذلك علاقة التزعزع الإقليمي بالعالمي. وهذا يخلق قدرا عاليا جداً من عدم الوضوح ويضع تحديات أمام التقديرات بشأن المستقبل، ومن المخاطر العشرة الواردة في التقرير:

1_ انهيار أنظمة حاكمة صديقة لـ(إسرائيل)، فكارثة صحية أو نقصان في المواد الأساسية من شأنها التسبب باندلاع احتجاجات  فتتحول لمصدر للتهديدات المستمرة تجاه الدولة العبرية.

2_ موجة "عمليات بالضفة الغربية  هذا السيناريو قد يتحقق كلما تراجعت قدرات السلطة الفلسطينية في ممارسة حكمها ،وكلما ضاقت حياة الفلسطينيين، وان انتشار الوباء في أوساط الأسرى الفلسطينيين ،قد يدفع باتجاه تنفيذ عمليات أسر جنود.

3_ ضعف ممالك الخليج : أسعار النفط والغاز المنخفضة وانتشار الفيروس قد يؤدي لمزيد من زعزعة تلك الممالك ماليا وتعميق التحديات والاستقرار الداخلي بها، "انقلابات داخل العائلات الحاكمة " مما قد يضعف فاعلية الشراكة الإسرائيلية الخليجية ضد إيران أيضا بعد انتهاء أزمة كورونا.

4_ انسحاب أمريكي متسرع من سوريا والعراق: من الممكن أن يحدث في ضوء انتشار الفيروس في تلك المناطق أو عقب تضرر شعبية الرئيس ترامب على خلفية أزمة الفيروس، وكلما تزعزعت سيطرة حكومة بغداد على البلاد تعاظمت ضغوطات الجماعات المؤيدة لإيران على القوات الأمريكية، وانسحاب امريكا من العراق سيقود لاحتمالية كبيرة إلى انسحابها أيضا من سوريا وبالتالي تفكك التحالف الدولي الذي يواجه داعش وسيطرة نظام الأسد على شرق سوريا.

أختم بما أوصى به التقرير: أنه على الأجهزة الأمنية تخصيص موارد استخبارية وبحثية في محاولة للعثور وتشخيص مؤشرات تدل على تلك التهديدات وتحليلها، تشخيص مبكر لتطورات سلبية قد يُكسب (إسرائيل) فرصة للتدخل لمنع المساس بمصالحها، وفي مجالات أخرى، تواصل إستراتيجي فعال من شأنه ثني قادة في المنطقة عن اتخاذ خطوات تؤدي إلى تصعيد فوري.