في الأسواق ترتفع الأسعار وفق الحاجة إلى السلعة، فكل ما يحتاج إليه الإنسان رخيص حتى ولو كان غالياً، وكل ما استغنى عنه الإنسان غالٍ حتى لو كان رخيصاً، فكيف لو كان المعروض في السوق يضر بمصالح الحزب، ويعود عليك بالخسارة؟ هذا ما يحدث مع الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي لا مصلحة لها بإجراء أي صفقة تبادل أسرى مع الفلسطينيين، ولاسيما في هذه المرحلة التي بدأ فيها قادة الحزب الحاكم بالاستعداد لجولة انتخابات رابعة، يرجح المراقبون أن تكون في نهاية شهر 7 من هذا العام، أو بداية شهر 8، حيث قرر رئيس الدولة في (إسرائيل) عدم تجديد التكليف لرئيس حزب كحول لفان، وعدم تكليف نتنياهو في الوقت نفسه.
الأحزاب الإسرائيلية تتنافس على صوت الناخب، ولما كان المتطرفون هم الأغلبية، وهم ظهر نتنياهو الذي يركن إليه، فمعنى ذلك أن آخر ما يفكر فيه نتنياهو هو صفقة تبادل أسرى تفقده رصيده في معسكر المتطرفين.
لقد عرض السنوار قبل مدة مبادرة الإفراج عن كبار السن والأطفال والمرضى مقابل معلومات لدى رجال غزة، وقد توافق العرض مع المفاوضات التي كانت تُجرى في حينه بين أكبر حزبين في دولة الاحتلال، واقترابهما من تشكيل حكومة، وتوافق العرض مع ارتباك الاحتلال الإسرائيلي مع تفشي فيروس كورونا، والخشية من انتشار العدوى بين السجناء الفلسطينيين، ما فتح بوابة أمل في إمكانية بدء الحوار حول صفقة تبادل أسرى.
اليوم تغيرت المعطيات، وظهرت مستجدات على الساحة الإسرائيلية توجب الحذر من الوقوع في فخ المفاوضات حول إطلاق سراح أسرى، مفاوضات تحقق فيها الحكومة الإسرائيلية مكاسب إعلامية، أو تحصل على تنازلات من رجال غزة دون تقدم جدي في اتجاه صفقة تبادل، قبل أن تحسم نتائج انتخابات الجولة الرابعة، التي يراهن عليها نتنياهو كثيراً، وقد أعطته استطلاعات الرأي أغلبية مريحة فيها.
وحتى لا نبيع بضاعتنا بأرخص الأثمان، في سوق السياسة الإسرائيلية التي لا يشكل فيها المفقودون في الحرب أي ربح للحزب الحاكم، علينا أن نتأكد أن صفقة تبادل الأسرى قد تأجلت إلى ما بعد ظهور نتائج الانتخابات الإسرائيلية الرابعة، وإلى ما بعد تشكيل الحكومة، لتبقى الفرصة قائمة لإطلاق سراح كبار السن والمرضى والأطفال فقط، وحبذا لو كان ذلك كبادرة حسن نوايا إسرائيلية تجاه رئيس السلطة الفلسطينية، وبمناسبة شهر رمضان، وهذا ما كان يفعله الحاكم العسكري الإسرائيلي كل عام في لقائه مع رؤساء البلديات قبل وصول السلطة الفلسطينية.
يا حبذا لو تم ذلك من خلال السلطة الفلسطينية دون أن تدفع غزة من أسرارها ثمناً!