شهدت حماس و(إسرائيل) في الأيام الأخيرة سجالًا بشأن تقديم المساعدة الطبية لغزة لمواجهة كورونا، بعد اشتراط الأخيرة تقديم هذه المساعدة بإعادة أسراها، في حين أعلنت حماس أنها ستنتزع هذه الاحتياجات الإنسانية بالقوة، واضطرارها إلى قطع أنفاس ستة ملايين إسرائيلي، إن تلكأت (إسرائيل) في إمداد غزة بأجهزة التنفس اللازمة لمرضى كورونا.
يثير هذا السجال إمكانية أن تشهد حماس و(إسرائيل) تصعيدًا ما، فالأولى تسعى للضغط على الأخيرة للموافقة على إدخال مواد طبية وصحية لغزة لمواجهة كورونا، وهو ما تحقق بإطلاق صواريخ من غزة باتجاه (إسرائيل) قبل أيام، ويطرح كيفية تعامل الجانبين إزاء أي مواجهة غير مرغوبة في هذه الظروف الصحية الكارثية بغزة و(إسرائيل).
تشير أجواء القطاع إلى أن أزمته الصحية والمعيشية بسبب الكشف عن عدة إصابات بكورونا فيه، قد تدفع حماس للضغط على (إسرائيل) لتخفيف حصارها لغزة، بالتزامن مع تحذيرات إسرائيلية مما وصفته بسيناريو قاتم يشبه يوم القيامة، إن انفجرت غزة بوجه (إسرائيل) مع تفشي كورونا بغزة، لا سمح الله.
تؤكد حماس بين حين وآخر أن غزة تعيش في أوضاع كارثية بفعل الحصار الإسرائيلي، و(إسرائيل) تتحمل وحدها مسئولية استمراره، وحماس تتواصل مع الوسطاء لإجبار (إسرائيل) على كسر حصار غزة، مع جائحة كورونا التي زادت الأوضاع سوءًا، وإن استمرار حصار غزة لا يخدم حالة الهدوء الأمني، صحيح أن حماس لم تقدم اعترافًا واضحًا بالمسئولية عن إطلاق الصواريخ على (إسرائيل)، وفي الوقت ذاته لم تعلن نفيها عنها، ما يبقي الموضوع في دائرة الغموض، وعدم الوضوح.
تتوافق الآراء الفلسطينية أنه لا مصلحة لحماس و(إسرائيل) بتصعيد عسكري مع كورونا، لكن إطلاق صاروخ غزة ربما جزء من التفلتات الأمنية من مسلحين تحاول حماس السيطرة عليهم، مع أن (إسرائيل) تتخوف من انتشار الفيروس بغزة خشية أن يحملها المجتمع الدولي المسئولية عن غزة، لذلك قد تمنح بعض التسهيلات لها، كإدخال معدات العلاج والوقاية الطبية، وحشد الدعم المالي مع الشلل الاقتصادي في القطاع عقب ظهور الوباء.
صحيح أن التصعيد الأخير في غزة قد لا يكون مرتبطًا بتنظيم فلسطيني معين، لكنه في الوقت ذاته قد يرسل رسالة مفادها أن (إسرائيل) تتحمل مسئولية إنهاك الواقع الصحي بغزة التي ستواجه كارثة كبيرة، إن تفشى كورونا بين مواطنيها.
ولذلك إن من أطلق الصاروخ، بغض النظر عن هويته، كأنه يطالب (إسرائيل) برفع الحصار عن غزة، و(إسرائيل) ستكون معنية بالاستجابة لاحتياجات غزة الصحية والمعيشية، فالوباء إن انتشر بين الفلسطينيين فسيدفعهم إلى الانفجار بإطلاقهم المزيد من الصواريخ، وربما يتدفقون على حدود (إسرائيل) مع غزة لإنقاذ أنفسهم من الوباء.