وجود رئيس حركة حماس بعيداً عن قطاع غزة أعطى لحماس قوة وحضوراً ما كان ليتحقق للحركة لو ظل إسماعيل هنية رهين المعبرين؛ معبر رفح إلى مصر العربية، ومعبر بيت حانون إلى دولة الاحتلال. لقد تحرر مسؤول حركة حماس من الضغوط الكثيرة بوجوده في الخارج، وأثبت حضوره في ساحة الفعل الفلسطيني والعربي، ولا سيما أن غالبية الشعب الفلسطيني في الخارج، وغالبية الداعمين للقضية الفلسطينية من عرب ومسلمين هم خارج إطار الأرض الفلسطينية المحتلة، التي صارت بمجملها محاصرة بنفوذ ومصالح وضغوط المحتلين.
فكرة غياب رئيس حركة حماس عن أرض غزة تستحث بقية التنظيمات الفلسطينية للسير على النهج نفسه، ولا سيما بعد أن دللت التجربة على تحكم الاحتلال الإسرائيلي برقاب قادة التنظيمات الفلسطينية الذين رفضوا الخنوع، وحدد مصيرهم بالقتل والتصفية، وهذا الذي حدث مع رئيس حركة فتح ياسر عرفات، ومع رئيس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، ومع رئيس تنظيم الجبهة الشعبية أبي علي مصطفى، وهكذا تمت تصفية الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى؛ فقد عاقبت قوات الاحتلال قادة بعض التنظيمات الفلسطينية بالسجن، فقد حكمت بالمؤبد على قائد حركة فتح مروان البرغوثي، وحكمت بالمؤبد على رئيس تنظيم الجبهة الشعبية أحمد سعدات، وهذه الشواهد تؤكد أن بقاء قادة التنظيمات في الأراضي المحتلة يجعل منهم وقوداً للأطماع الإسرائيلية، ويجعل منهم أسرى للأوامر الإسرائيلية، فإن تمردوا على تعليمات المحتلين، وخرجوا من بيت طاعة الاحتلال، فإن مصيرهم التصفية أو السجن.
وجود إسماعيل هنية في الخارج مكسب للقضية الفلسطينية قبل أن يكون مكسباً لحركة حماس، وبكل تأكيد فإن وجود مسؤول حركة فتح الأول في الخارج، وبعيداً عن الضغوط الإسرائيلية سيكسب حركة فتح قوة القرار المستقل، وسيكسب القضية الفلسطينية المزيد من الحضور الدولي، وسلامة الموقف القادر على مقارعة المحتلين، وهذا الرأي ينطبق على مسؤولي بقية التنظيمات الفلسطينية الفاعلة والمؤثرة في صياغة القرار السياسي.
نتمنى أن تلتفت حركتا فتح والجبهة الشعبية إلى أهمية وجود المسؤول الأول خارج الأراضي المحتلة، أسوة بقيادة حركة حماس والجهاد والجبهة الديمقراطية، فالتخلص من سطوة الاحتلال نصر لقضية فلسطين.
ملحوظة: كيف نصدق أن مسؤول أحد التنظيمات الفلسطينية الذي يحمل بطاقة VIP قادر على اتخاذ قرار يغضب الاحتلال الإسرائيلي الذي منحه البطاقة؟