تتوالى الأزمات على اللّاجئ الفلسطينيّ في لبنان، فغضبه يتدحرج ككرة الثّلج ضدّ الأونروا، الّتي لم تترجم حتى اليوم خطّة الطّوارئ الموضوعة لمواجهة انتشار فيروس كورونا داخل المخيّمات الفلسطينيّة، إذ قامت بإجراءات لم ترقَ إلى المستوى المطلوب منها، فيما لبنان دخل في عين عاصفة الوباء مع ارتفاع أعداد المصابين والوفيات.
جاءت الأزمة الحاليّة لتعصف حتّى بالقليل الّذي يحصل عليه الفلسطينيّون الّذين كانت لديهم فرص عمل، ولتضمّهم إلى "مطحنة" الفقر التي تتغوّل على أغلبيّة فلسطينيّي لبنان وتسحقهم، فأوضاع الّلاجئين الفلسطينيّين تنحدر بسرعة نحو "الهاوية"، ما ينذر بكارثة إنسانيّة، بعد عجز الكثير عن تأمين الحدّ الأدنى من مدخولهم وتوفير "قوت اليوم"، بسبب توقّف العديد من العمّال عن أعمالهم من ناحية، ولاعتبارات تتعلّق بالأونروا وسياسة تقليص الخدمات المقدّمة لهم من ناحية أخرى، ما ساهم في زيادة نسبة البطالة والفقر داخل المخيّمات والتّجمّعات الفلسطينيّة.
إدارة الأونروا لم تصرف الخمسة ملايين دولار الّتي رصدتها مساعدات لأبناء المخيّمات الفلسطينيّة لمواجهة التّداعيات السّلبيّة لفيروس كورونا، بعد التزام أبنائها بالتّعبئة العامّة، الّتي أعلنتها الحكومة اللّبنانيّة لمنع تفشّيه، وبدت الوكالة في حيرة من أمرها، فيما الجوع يدقّ الأبواب ويدهم أصحابها الّذين يعانون الفقر المدقع أصلاً، في ظلّ الظّروف الاقتصاديّة والمعيشيّة الصّعبة، والغلاء وجنون الأسعار.
بحسب تقديرات رسميّة، يؤوي لبنان 174 ألف لاجئ فلسطينيّ على الأقلّ في مخيّمات تحوّلت على مرّ السنين إلى أحياء عشوائية مكتظّة بالسّكّان والأبنية والأسلاك الكهربائيّة، يعيش هؤلاء ضمن مساحات لا تتعدّى الكيلو متر مربع، هذا الاكتظاظ يُعزّز انتشار الفيروسات والأمراض المُعدية بين اللاجئين، إذ إنّ حالة واحدة حاملة للفيروس في أحد المخيّمات كفيلة بتهديد الآلاف من الفلسطينيّين، وبالتّالي تهديد المنطقة التي تضمّ هذا المخيّم.
هذا الفيروس إذا تغلغل في المخيّمات سيؤدّي إلى ازدياد الحالات المُصابة التي تتطلب علاجًا وحجرًا صحيًّا، وسيُشكّل ضغطا إضافيًّا على القطاع الصّحيّ في لبنان غير المُجهَّز لاستيعاب عدد كبير من حالات كهذه، وسيكون كلّ من المواطن اللّبناني واللّاجئ الفلسطينيّ والنّازح السّوريّ وأيّ مقيم في لبنان... معرّضًا لخطر الموت، ليس بسبب كورونا فقط، إنّما بسبب النّقص في الأدوات الطّبيّة الّلازمة.
أمام استمرار الأزمة والتّدهور الاقتصاديّ لا يحتاج اللّاجئون الفلسطينيّون لوضع خطط لتنفيذ مشاريع تنمويّة، ولا الحديث عن برامج الإغاثة والتّشغيل.. ما يحتاجه الفلسطينيّون الآن خطّة إغاثيّة تنفّذها الأونروا ومنظمة التّحرير الفلسطينيّة والفصائل وقوى العمل الوطنيّ ومؤسّسات المجتمع المدنيّ، كي لا يصل الوضع إلى نتائج لا تحمد عقباها، على المستويات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والأمنيّة...