كشفت أزمة كورونا عن حالة التراجع في مستوى الثقة بين الإسرائيليين ودولتهم، فلم تعد هناك ثقة حقيقية بما يقوله رئيس الحكومة والجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن، وكل مؤسسة رسمية، في هذه الحالة تكون الدكتاتورية قد وجدت نفسها في (إسرائيل)، ما يتطلب المسارعة بترميم مستوى الثقة بين الجانبين.
إن النظر لما تقوم به المؤسسات الحكومية الإسرائيلية في أزمة كورونا، يتطلب من الإسرائيليين أن يفهموا ما الذي مر عليهم، وإجراء حساب مع النفس بعد انقضاء هذه الأزمة: ما الذي كان ينقصهم؟ أين أخطؤوا؟ وكيف يمكن إدارة الأزمة القادمة؟
بغض النظر عن طرح الأسئلة الجوهرية بالنسبة لأعداد أجهزة التنفس، وكيفية الفحوصات من الناحية الطبية، وضخ المزيد من النفقات المالية على المنظومة الصحية، يمكن اليوم البحث عن أوجه النقص الذي عاشته (إسرائيل) من أجل التعاون مع وباء أكثر حدة من كورونا، وهو الثقة بين الإسرائيليين ودولتهم.
الحديث يدور عن فقدان الثقة المتبادلة بين مختلف القطاعات السكانية الإسرائيلية، والثقة بالجهات التنفيذية ووسائل الإعلام والحكومة، ما يستدعي إزالة الكمامات الواقية عن نظرة الإسرائيليين لدولتهم، ببساطة الحديث يدور عن فقدان الثقة، وليس واضحا كم سيحتاج الإسرائيليون من الوقت لكي يملؤوا هذا الفراغ.
ليس هناك مستوى كبير من الثقة بـ(إسرائيل)، لا سيما تجاه الفلسطينيين الذين يعانون نقصا في الحقوق تحت الاحتلال، وكذلك من العرب مواطني (إسرائيل) الذين يشعرون بالغبن تجاه عدم حصولهم على كامل الحقوق، واليهود الشرقيين فيعانون من إرسالهم باتجاه البلدات المفتوحة دون أن يسألهم أحد في الدولة أين يسكنون؟
هذه العيوب والإشكالات تراها مختلف مكونات الكيان الإسرائيلي ثغرات أساسية تهدد أسس دولة الاحتلال، فالقطاعات السكانية المختلفة من الاقتصاد والمشغلين والعمال والمنظمات النقابية والمقاولين، باتوا يرون في أنفسهم أعداء، ونادرا ما وجدوا حالة من التضامن من الأقوياء تجاه الفقراء في هذه الأزمة، حتى أن الإعلام الإسرائيلي الفاسد أخذ دوره في هذه الأزمة، وكذلك المنظومة القضائية التي انشغلت فقط بتعيين قضاتها.
باقي الجهات الأمنية الإسرائيلية في الجيش والشرطة لا يذكر الإسرائيليون في آخر مرة أنهم تحدثوا بالحقيقة، وعلى رأس المحرضين وقف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي يعمل على التفريق بين مواطني الكيان، ولا يجد مشكلة بتصنيف أحد الأحزاب الإسرائيلية بأنه داعم للعنف المسلح، ومستعد للتحريض الدائم ضد كل معارضيه، ولا يبدي خجلا تجاه محاولات السيطرة على وسائل الإعلام، وتعيين نفسه وزيرا للإعلام.
كل ذلك يؤكد أن انعدام الثقة من الإسرائيليين تجاه كيانهم بات أمرا لا يقلق نتنياهو، ولعله ليس من باب الصدفة أن يعتقد نصف الجمهور الإسرائيلي أن نتنياهو يسعى بكل ثقله لإنقاذ نفسه من لوائح الاتهام.