قد يتّفق الفلسطينيون جميعهم مع دعوة ميلادينوف إلى إعادة توحيد قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة تحت سلطة وطنية فلسطينية شرعية واحدة، وفقًا لتوصيات تقرير اللجنة الرباعية للشرق الأوسط لعام 2016، ولكن الفلسطينيين جميعهم يعترضون على حديث منسق عملية السلام للأمم المتحدة ميلادينوف حين يربط بين الاحتلال العسكري الإسرائيلي، وتواصل النشاط الاستيطاني وخطر الضم، وعملية الإغلاق الإسرائيلي لقطاع غزة من جهة، وبين سيطرة حماس على غزة ونشاطها العسكري من جهة أخرى.
فأي ظلم هذا؟ وكيف يربط منسق عملية السلام بين ممارسات الاحتلال التي تقوض الأرض، وبين المقاومة الفلسطينية التي تسعى لتحرير الأرض؟
وكيف يجيز ميلادينوف للمحتلين حمل السلاح والسيطرة العسكرية على المنطقة كلها، ولا يجيز لشعب تحت الاحتلال أن يدافع عن نفسه، وأن يرفض الاحتلال عسكرياً؟
الربط بين مقاومة الفلسطينيين وممارسات الاحتلال العدوانية ضد شعب أعزل مرفوضة من قبل الفلسطينيين جميعهم، وأزعم أن السلطة الفلسطينية ترفض الربط بين فشل المفاوضات وسيطرة حماس على قطاع غزة كما يدعي ميلادينوف، لأن موافقة السلطة الفلسطينية على حديث ميلادينوف فيه تبرئة للاحتلال الإسرائيلي، من هنا فإن واجب السلطة الفلسطينية الوطني هو رفض المشابهة بين سيطرة حماس على غزة، وبين عدوانية وأطماع الاحتلال الإسرائيلي، ففي هذه المشابهة إهانة لأصحاب الأرض الفلسطينيين، وفي الربط تحقير للقضية السياسية.
الشعب الفلسطيني بكل فئاته ومؤسساته وتنظيماته وقواه السياسية ونخبه الثقافية يرفض أكذوبة: حماس تسيطر على غزة! لأن حركة حماس مكوِّن رئيس من حياة الشعب الفلسطيني، تماماً مثل حكومة فرنسا في باريس، والتي تعتبر مكوِّنًا أصيلًا من وجود الشعب الفرنسي، فهل يمكن القول: إن الحكومة الفرنسية تسيطر على الشعب الفرنسي؟ وهل يمكن اعتبار الحكومة الأمريكية تسيطر على الشعب الأمريكي؟ وهل تسيطر حكومة هولندا على الشعب الهولندي؟
لقد ولدت حركة حماس من صلب الشعب الفلسطيني، ولم تأتِ إلى غزة غازية، ولا هي دخيلة، وإنما هي شجرة نبتت من تربة فلسطين، وتنتمي جذراً وفرعاً إلى هذه الأرض، وهذا ليس رأياً شخصياً، وإنما رأي كل الشعب الفلسطيني بما في ذلك قيادة السلطة التي وقعت مع حماس اتفاقيات المصالحة من هذا المنطلق، وبما في ذلك ميلادينوف نفسه الذي دعا إلى إعادة توحيد قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، تحت سلطة وطنية فلسطينية شرعية واحدة.
الشعب الفلسطيني ينتظر رفض السلطة الفلسطينية الرسمي لأكاذيب ميلادينوف عن ضرورة إنهاء الوجود العسكري لحركة حماس والجهاد الإسلامي في غزة، وعن ضرورة إنهاء التهديد المستمر بإطلاق الصواريخ من القطاع! على السلطة الفلسطينية أن تقرر بأن المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي حق كفلته مواثيق الأمم المتحدة والمعاهدات الدولية.
ملحوظة: كان ظالماً ميلادينوف في حديثه حين راعى مخاوف إسرائيل الأمنية والمشروعة في الوقت الذي لم يهتم ميلادينوف بمخاوف الفلسطينيين الأمنية والمعيشية والسياسية والاقتصادية والوطنية.