أعلنت إدارة السجون الإسرائيلية عن إصابة عدد من الأسرى الفلسطينيين بفيروس الكورونا في سجن مجدو، ولعل هذا الخبر سيتسبب بحالة من القلق الشديد لآلاف العائلات الفلسطينية التي يقبع أبناؤها في السجون الإسرائيلية، ففي تلك السجون هناك أسرى أمنيون تم اعتقالهم على خلفية مقاومة الاحتلال، وهناك سجون أخرى يتواجد بها أسرى فلسطينيون بسبب مخالفات جنائية، وهم معرضون أيضاً لخطر الإصابة بفيروس كورونا.
انتقال فيروس كورونا للسجون الإسرائيلية يدفعنا للحديث حول الحياة التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون داخل تلك السجون، والتي تجعل فرصة انتقال العدوى بين الأسرى مرتفعة جداً.
لعل أكثر الأماكن حساسية لانتقال العدوى بين السجناء الفلسطينيين هي محطات انتقالهم بين السجون، ونزولهم للمحاكم الإسرائيلية، فمشهد الأسرى أثناء نزولهم للمحاكم الإسرائيلية كفيل لوحده أن يشعرنا بالقلق عليهم، حيث يتم تجميعهم في زنزانة أو اثنتين تتسع الواحدة منها لأربعة أشخاص، بينما يقوم السجان الإسرائيلي بوضع ما يزيد عن عشرين أسيراً في غرفة الانتظار، حيث يقف الأسرى متراصين دون أن يكون هناك مكان للجلوس.
يتم تكبيل الأسرى بكلبشات من الحديد والتي يعاد استخدامها نفسها يومياً لعشرات الأسرى المختلفين، هذه الكلبشات يمكن أن تكون مصدراً كبيراً للعدوى.
الحافلة التي يتم نقل الأسرى الفلسطينيين خلالها للسجون الأخرى أو للمحاكم الإسرائيلية هي مرض بحد ذاته، فمقاعدها من الحديد، وتكون مكتظة بشكل كبير حيث يجلس كل أسيرين وهما متلاصقين والكلبشات موضوعة في أيديهم وأرجلهم، ثم يتم اقتيادهم للمحاكم الإسرائيلية، حيث يعاد تجميع الأسرى في زنازين لانتظار دورهم للمحاكمة، ويتم تجميع ما يزيد على عشرة أسرى في زنزانة تتسع لأربعة أشخاص، ويطول وقت الانتظار في هذه الزنازين حيث يستمر من الصباح حتى المساء.
داخل غرف السجون يعيش كل ثمانية أسرى في غرفة واحدة، يستخدمون نفس الحمام ويأكلون من أوانٍ مشتركة للطعام ، حيث لا يوجد ما يكفي من الأواني ليأكل كل أسير لوحده، كما أن أبراش النوم مرتبة لتتكون من طبقتين ينام أسير في الطبقة الأرضية وأسير آخر في البرش العلوي، مما يعني أن الاحتكاك كبير جداً وأن فرص نقل العدوى مرتفعة جداً.
لك أن تتخيل شكل العلاج الذي سيقدم للأسرى الفلسطينيين المصابين بكورونا، فبالعادة عيادة السجن تقدم علاجات خفيفة كخافض للحرارة، ومضاد للالتهاب، ومراهم للحساسية أو قطرة للعين، وأي أسير يحتاج لعلاج أكبر يتم رفع اسمه لكي يتم فحصه في المستشفى عند مجيء دوره، حيث ينتظر بالعادة الأسير لفترة تصل لأكثر من شهرين لكي يحصل على دور، وإن كان هناك مراجعة يحتاج لشهرين إضافيين، فكيف سيكون الحال عند انتشار كورونا في الكيان الغاصب وانشغال المستشفيات الإسرائيلية بعلاج مرضاهم، بلا شك أنه لن يكون هناك دور يذكر للأسير الفلسطيني لتلقي العلاج.
كل قسم في السجون الإسرائيلية يحوي ما يقارب المئة أسير، وهم يشتركون في غسالة واحدة كبيرة لغسل ملابسهم وتنشيفها، يعني أن الملابس تغسل في غسالة واحدة للمرضى والأصحاء في حال انتشار مرض كورونا، كما أن الأسرى يتشاركون في خمسة دشات للاستحمام، حيث يستخدمها كافة الأسرى داخل القسم.
كل هذه التفاصيل تشير إلى أننا قد نكون أمام كارثة في حال تفشي فيروس كورونا في السجون الإسرائيلية، وسيكون أبناؤنا في خطر شديد، ومهما دار الحديث عن تعقيم وعزل، فالحياة مشتركة بشكل معقد، ومرافق السجون، وإجراءات التنقلات والتحقيق والمحاكمات غير مهيأة إطلاقاً لأن تكون معقمة وصالحة من نواحي صحية.
نسأل الله أن يحمي أسرانا وأن يلطف بهم.