أخيرا حظي بيني غانتس زعيم حزب أزرق أبيض بكتاب تكليف تشكيل الحكومة الإسرائيلية، مع أن اتساع رقعة الخلافات داخل كتلة وسط يسار برئاسته رغم تجاوزها نسبة الحسم، سيصعّب أمامه مهمة تشكيل حكومة ضيقة أو موسعة، لذلك ستكون كتلة اليمين مستفيدة من هذه الخلافات، التي قد تجبر غانتس على القبول بشروط نتنياهو لتشكيل حكومة موسعة تكون رئاستها بالتناوب، دون الاضطرار للحصول على دعم من ليبرمان أو القائمة المشتركة.
مع العلم أن النواب العرب حافظوا على قوتهم البرلمانية بحصولهم على 15 مقعداً في الكنيست، فقد شكّلوا لغانتس طوق النجاة كي يحظى بثقة الرئيس الإسرائيلي لتشكيل حكومته، وقد شكَّل هذا الموقف محل خلاف وتباينات كبيرة بين الفلسطينيين داخل (إسرائيل) والأراضي الفلسطينية، على اعتبار أن غانتس جنرال قاتل، قاد العُدوان على غزة في 2014، وتباهى في حملته الانتخابية الأخيرة بأنه قتل أكثر من ألفي فلسطيني.
في الوقت ذاته يعتقد النواب العرب أنهم حصلوا على تعهدات من غانتس، تتلخص في عدم القيام بخطوات أحادية تجاه الفلسطينيين، وإرجاء تنفيذ صفقة القرن، واستئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها في عهد رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت، وإلغاء قانون القومية، وإعادة الوضع في الحرم القدسي إلى ما كان عليه قبل قرار الحكومة الإسرائيلية توسيع تصاريح دخول اليهود لأداء الطقوس الدينية فيه.
يواجه غانتس في مهمته جملة من التحديات: أولها إنهاء أزمة الفراغ الحكومي في (إسرائيل)، التي بدأت منذ 2018، حينما سقطت حكومة نتنياهو بعد خلافات مع وزير الحرب ليبرمان، الذي انسحب من الحكومة نتيجة تباين وجهات نظرهما حول التعامل مع حماس.
لكن مهمة غانتس لا تبدو سهلة، فقد يصطدم بكثير من المعوقات: فمن جهة ترفض قوى من داخل معسكره أن تمنح موافقتها على تشكيل حكومة مع نتنياهو بسبب قضايا الفساد المرفوعة ضده، ومن جهة أخرى ترفض القوى ذاتها أن تكون القائمة العربية المشتركة جزءاً من الحكومة، حتى لو منحت أصواتها لغانتس من الخارج لتشكيل الحكومة دون أن تشارك فيها.
رغم ضيق الخيارات أمام غانتس في مهمة تشكيل الحكومة، فإن ذلك لا يمنع امتلاكه أوراق قوة تساعده في مهمته، فكتلة وسط يسار برئاسته تمتلك زمام الأمور في الكنيست بدءاً من رئاسته مروراً باللجان الأخرى، ما يسمح له بتمرير مشروع قانون يقضي بعدم السماح لأي نائب بتشكيل حكومة إن ثبت تورطه في قضايا الفساد.
في هذه الحالة يعول غانتس، إن مرر القانون، على كسر كتلة اليمين، بإحداث تمرد داخل الليكود؛ للحصول على دعم بعض نوابه لتشكيل حكومة موحدة بـ70-80 مقعداً، ويعني الإطاحة بنتنياهو من رئاسة الليكود.