فلسطين أون لاين

وسائل تهويد القدس

لم تسفر جولة الانتخابات الإسرائيلية الثالثة عن استمرار حالة الشلل السياسي في دولة الاحتلال فقط، بل عمقت الأمور إلى حد اتجاه الصراع نحو تهديد الخصوم، وسط صراعات بين أقطاب المعسكرين (اليمين واليسار) على تشكيل الحكومة مما يفضح، وفق مراقبين، "أكذوبة الديمقراطية" التي يلعب فيها رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو دورا كبيرا في تعطيل كل سيناريوهات حل المشهد.

على مواقع للتواصل الاجتماعي انتشرت "صور تحض على الكراهية والتحريض" ضد غانتس وكبار مسؤولي حزبه، على يد نشطاء ظهروا بصورهم وأسمائهم الحقيقية، كتب منها "نهايته (غانتس) ستكون مثل إسحق رابين.. الغبي لم يفهم بعد"، وهو ما دفع جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) لتوفير الحماية له.

واغتيل رابين (1922- 1995) في 4 نوفمبر/ تشرين ثاني 1995، وسط مدينة تل أبيب حينما كان رئيسا لوزراء الاحتلال، على يد متطرف يدعى يغال عامير، اعتراضا على توقيعه اتفاق "أوسلو" مع منظمة التحرير الفلسطينية.

غانتس نفسه شعر بهذا التهديد، واتهم نتنياهو بالصمت وقال له، "لن أسمح لك بغرس الكراهية وإشعال أول حرب أهلية حديثة..".

هذا التأزم ازداد بعد سعي غانتس، إلى تمرير قانون يمنع تكليف نتنياهو من تشكيل حكومة؛ بسبب ملفات فساد مقدمة ضده بتهم الرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال، والتي ستبدأ محاكمته فيها في 17 مارس الجاري، والحديث عن اتفاق بين غانتس وليبرمان على تشكيل الحكومة.

وبناء على معطيات نتائج الانتخابات، لن يستطيع معسكر اليمين (58 مقعدًا) بقيادة نتنياهو، ومعسكر غانتس (55 مقعدًا) تشكيل حكومة، كون المهمة تتطلب أغلبية 61 مقعدا بالكنيست. ويبقى أفيغدور ليبرمان زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" (7 مقاعد) هو مفتاح الحل للأزمة إذ بإمكانه ترجيح كفة أحد المعسكرين، لكن يبدو من الصعب دخول ليبرمان وغانتس في تحالف بوجود العرب.

وقال المختص في الشأن الإسرائيلي عادل شديد، إنه لم تعد التكتلات الحالية في دولة الاحتلال ذات طابع سياسي (يمين، وسط، يسار) بل تتجه لأبعاد دينية، فمثلا معظم مؤيدي حزب "الليكود" هم من اليهود الشرقيين، أما مؤيدو "غانتس" فمن اليهود الغربيين، هذه التكتلات اليوم طالما أخذت البعد الديني فمن الصعب تحقيق انسجام بينها.

وطرح شديد ثلاثة سيناريوهات، أمام هذا الواقع الأول نجاح نتنياهو في تشكيل حكومة لأن معسكره يملك 58 مقعدا، ويحتاج إلى 3-4 مقاعد موجودة لدى حزب "العمل – قيشر" والذين ينتمون لليمين، وقد ينجح في جلبهم إلى معسكره نظرا للجذور اليمينية لأغلبهم، أو يستطيع غانتس تشكيل حكومة بغطاء ودعم من "القائمة المشتركة" وهذا صعب.

وأضاف شديد لصحيفة "فلسطين": إذا نجح غانتس في تشكل حكومة بدعم من العرب، قد تصدر فتوى من حاخامات بقتله، وذلك لأن التيار الديني العقائدي في دولة الاحتلال يشعر أنه الأقوى وقادر على فرض برنامجه، وهم مقتنعون أن بقاء الاستيطان والحفاظ على وجودهم على أرض فلسطين مرتبط ببقاء اليمين في الحكومة.

وأشار إلى أن محاكمة نتنياهو، قد تؤجج الوضع الداخلي الإسرائيلي وتحدث ردات فعل، وارتكاب مجازر ضد الفلسطينيين مقابل الدفاع عن بقاء نتنياهو، وخلط كل الأوراق باغتيال أحد الخصوم، كغانتس أو أيمن عودة، وهذا يدلل أن المشهد الديمقراطي الإسرائيلي كان أكذوبة كبيرة".

من جانبه، قال المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، إن هناك أزمة مستعصية يعيشها النظام السياسي الإسرائيلي، ويمر بحالة من الشلل السياسي لأن نتنياهو فشل في الوصول لما يمكنه من تشكيل حكومة مستقرة، ويحصن نفسه قضائيا، في المقابل يعاني المعسكر الآخر من عدم التجانس.

وأضاف أبو غوش لصحيفة "فلسطين" أن حاجة غانتس لدعم غير مباشر من العرب، قد يقود لحرب طاحنة من اليمين ضده، بالتالي كل السيناريوهات ممكنة، بما فيها قدرة نتنياهو على  اختراق المعسكر الآخر واحداث انشقاقات، خاصة أنه نجح في جعل اليمين كتلة متماسكة يصعب اختراقها من خلال علاقاته بالأوساط المالية.

ورأى أن نتنياهو يحاول بناء زعامة فردية مطلقة، وهذا يخيف بعض الأوساط الإسرائيلية كون هذه الطريقة تضعف الدولة العبرية مستقبلا ويحولها لدولة مستبدة.