هناك مثل شعبي يقول: "صحيح لا تقسم ومقسوم لا تأكل وكل حتى تشبع"، وهذا المثل ينطبق على طريقة تعامل الجميع مع قطاع غزة وأهله، شعب مفروض عليه الحصار، ومفروض عليه تبعات الانقسام، ومفروض عليه أيضًا أجندة أصحاب المزاجات والأمراض النفسية المختلفة، ولن أفصل أكثر حتى لا نغضب أطرافًا لا نسعى إلى إثارتها أكثر فأكثر.
ما المطلوب من غزة وأهلها؟، سؤال برسم الإجابة، لأننا عجزنا عن معرفة ما يريده المحاصرون والضاغطون على غزة، هل المطلوب من غزة أن تموت بصمت؟، لا، لن تموت، ولن تستسلم لمن ظهرت عداوته، ولا من أخفاها وقال إنه صديق أو شقيق.
هل المطلوب أن يستمر الوضع على ما هو عليه عشر سنوات أخرى؟، والجواب أيضا "لا"، لن يستمر الوضع على ما هو عليه عشر سنوات ولا سنة، ويجب أن ينتهي الأمر في أسرع وقت وأقرب فرصة، ولن يظل الغزيون الأكثر معاناة من بين الكل الفلسطيني، بل لن تظل غزة مثقلة بعقوبات مضاعفة، ويكفيها أن تعاني كما يعاني باقي الشعب الفلسطيني لا أكثر ولا أقل، مع أن غزة قدمت الجزء الأكبر من التضحيات، وتستحق من أجل ذلك حياة كريمة وتواصلًا مع العالم الخارجي بفتح المعابر أو إنشاء ميناء، وهذا أقل ما يمكن تقديمه لغزة، ولا يقل لي أحدهم: إن السعي إلى رفع الحصار سيعزز الانقسام، أو أنه سيهدد وحدة قبرص.
حركة حماس لا تريد الاستمرار في السيطرة على غزة، وقد دعت الفصائل أن تشاركها الحكم، والأخيرة رفضت، رفض الفصائل تحمل مسؤولياتها يقتضي عدم تدخلها بعد ذلك في أي حل تضطر إليه الحركة، وكذلك إن حماس طالبت الحكومة الفلسطينية بتحمل مسؤوليتها وتسلم المعبر والوزارات وأن تأخذ الجمل بما حمل، ولكن الحكومة مازالت ترفض، ولا نعلم ما مبررات ذلك الرفض، خاصة أن هناك اتفاقات موقعة بين فتح وحماس تفصل آلية تولي الحكومة مسؤوليتها في إدارة قطاع غزة، ومازالت حماس تعترف بالحكومة، مع كل الشائعات التي تقول بعكس ذلك.
في الختام نؤكد أن العدو الإسرائيلي يتحمل المسؤولية الكاملة عما قد تؤول إليه الأوضاع في قطاع غزة، أما التحديات الأخرى (تقصير الفصائل والحكومة) فهي مجرد عقبات داخلية، ولكن التحدي الآخر الذي يجب الوقوف ضده بحزم هو وجود ثلة من المخربين ممن يطلقون الصواريخ تجاه العدو الإسرائيلي بأمر منه أو تطوعًا منهم لإلحاق الأذى بغزة ومقاومتها، هؤلاء يجب التصدي لهم وعليهم التوقف عن أعمالهم المشبوهة قبل فوات الأوان.