تفاقم قرارات سلطات الاحتلال المتكررة بإغلاق البحر أمام عمل الصيادين، أوضاعهم خصوصًا عندما تأتي تلك القرارات دون سابق إنذار، وقد تركوا شباكهم تبيت لياليها داخل المياه إيذانًا بانتشالها في صباح اليوم التالي.
تلك القرارات ألحقت خسائر فادحة بالصيادين، حيث تترك معدات صيدهم في المياه لأيام وليال بانتظار الإذن لهم بالسماح مجددًا بالإبحار، لكن وعند الوصول إليها وسحبها، تكون التيارات المائية قد جرفتها بعيدًا عن النقاط التي حددها الصيادون قَبْلًا.
وصباح السبت الماضي، أُبلغت نقابة الصيادين بمنع الصيادين من الإبحار قبالة سواحل القطاع حتى إشعار آخر، في حين لاحقتهم البوارج الحربية على عمقِ ثلاثة أميال وأطلقت النار على بعضهم.
وأتى هذا المنع بعد تقليص الاحتلال مساحة الصيد إلى مسافة 6 أميال متراجعًا بذلك عن توسيعها السابق إلى نحو 15 ميلًا في بعض المناطق.
الصياد المسن مراد الهسي بات يخشى على أبنائه من النزول إلى البحر وممارسة الصيد بسبب تلك القرارات الجائرة، و مواصلة إطلاق النار على الصيادين واستهدافهم.
يجلس هذا السبعيني في ميناء غزة البحري، على كرسي بلاستيكي، محني الظهر ممسكًا بين يديه شباكًا ينهمك بإصلاحها برفقة أبنائه، استعدادًا لموسم الصيد الجاري حيث تتوافر أسماك "العصافير".
وخلال حديثه لصحيفة "فلسطين"، يقول الهسي، الذي عمل منذ 60 عامًا في الصيد، إن بحرية الاحتلال تطلق النار بشكل مستمر على الصيادين وتضيق الخناق عليهم وتجبرهم على مغادرة البحر مع كل تصعيد تلجأ إليه ضد القطاع.
ويلفت إلى أن "إغلاق البحر يدفع الصيادين إلى الجلوس على الشاطئ وصيانة شباكهم ومعداتهم المستخدمة في العمل وانتظار الفرج، وإذن سلطات الاحتلال لتسمح لنا بالصيد مجددًا".
ويتخذ الاحتلال من تضييق الخناق على الصيادين ذريعة للضغط على الفصائل الفلسطينية للاتفاق على وقف إطلاق النار.
وهاجمت بحرية الاحتلال الإسرائيلي صباح أمس، مراكب الصيادين في بحر دير البلح وسط قطاع غزة.
وأكد صيادون، لصحيفة "فلسطين"، أن زوارق الاحتلال استهدفت مراكب الصيادين على بعد أقل من 2 ميل في بحر دير البلح.
وذكروا أن قوات الاحتلال فتحت نيران أسلحتها الرشاشة وقذائفها الصوتية ومضخات المياه تجاه مراكب الصيادين، ومنعتهم من سحب شباكهم التي نصبوها قبل أيام.
لا وقت للراحة
ولا يختلف الحال كثيرًا بالنسبة للصياد عز الدين بكر، الذي انهمك في تصليح شبكة صيد السمك، وهو يجلس بجوار قاربه الذي لم تبلله مياه البحر منذ يوم الأحد الماضي بسبب إغلاق البحر.
ويستغل بكر (33 عامًا) مع الكثير من صيادي غزة، ارتفاع درجات الحرارة لتفقد مراكبهم ومعدات الصيد خشية من تلفها لتوقفها عن العمل.
ويشير الى أن منع الصيادين من نزول للبحر وممارسة مهنتهم، يزيد من معاناتهم القائمة أصلًا، متسائلًا: "ما الذنب الذي يقترفه الصيادون ليتم منعهم من النزول للبحر الواسع الذي يضيقه الاحتلال علينا بشكل مستمر؟".
ويلفت بكر، الذي يعيل أسرة مكونة من خمسة أفراد، إلى أن معاناة الصيادين تتفاقم بشكل مستمر مع كل إغلاق للبحر ومنعهم من العمل، مضيفًا: "إذا أبحر الصياد فسيجد ما يسد رمق أسرته وإذا لم يبحر فإنه لن يصطاد أي شيء وستتحول حياته إلى مأساة:
والصياد بكر، كان قد اعتقل أكثر من مرة من قبل بحرية الاحتلال الإسرائيلي، واحتجز المركب الذي يستخدمه في عمله أكثر من مرة.
ويقول نقيب الصيادين بقطاع غزة نزار عياش، إن عددًا من الصيادين أبحروا أمس، من أجل إخراج شباكهم لتجنب فقدانها وتكبيدهم خسائر قد يتعرضون لها.
وأكد عياش لـ"فلسطين"، أن سلطات الاحتلال تعمل على تضييق مساحة الصيد وإغلاق البحر بشكل مستمر في كل جولة تصعيد، مشيرًا إلى أن جميع الصيادين في القطاع هم تحت مستوى خط الفقر.

