تخرج هذه السطور إلى النشر في حين يشهد قطاع غزة عدوانا إسرائيليا جديدا، أعقب جريمة دامية بشعة بحق الشهيد محمد الناعم، واللافت أن هذا العدوان يتجدد قبيل وقت قصير فقط من الذهاب للانتخابات الإسرائيلية، وقد كان متوقعا ألا تذهب الحكومة لممارسة سياستها الحربية تجاه غزة، بعد أن ازدادت القناعات بأنها تحطمت على صخرة الأمر الواقع في الجبهة الجنوبية.
رغم العدوان المستمر على غزة، فإنه لا يلغي قناعات إسرائيلية تتزايد مع مرور الوقت بأن غزة قضت على سياسة اليمين، بعد مرور أحد عشر عاما على تولي نتنياهو رئاسة الحكومة، ووجود بينيت بوزارة الحرب.
وفي حين يواصل وزير الحرب إصدار تهديداته القتالية من مكتبه في الطابق الرابع عشر بمقر الوزارة في (تل أبيب)، فإن البالونات الحارقة والقذائف الصاروخية القادمة من غزة يظهر أنها أقوى من ذلك بكثير.
وفي الوقت الذي يواصل فيه زعماء معسكر اليمين الإسرائيلي إطلاق تهديداتهم ضد غزة، فإنهم هم ذاتهم، خاصة نتنياهو وبينيت، يوقعان بأيديهما على نهاية سياسة اليمين التي تواجه انتكاسات متلاحقة أمام كل بالون حارق ينطلق من غزة.
من الأكيد أنه بعد أحد عشر عاما من حقبة اليمين التي يقودها نتنياهو في (إسرائيل)، بات واضحا أنه لا يستطيع الصمود أمام الواقع القائم في القطاع، مع أنه بالعودة إلى بدايات حكمه في 2009، فقد أعلن أنه سيقضي على حكم حماس في غزة، لكنه اليوم بعد هذه المدة الزمنية الطويلة ما زالت حماس تحكم القطاع.
هذا حصل وتكرر مع ليبرمان صاحب تهديد الـ48 ساعة ضد إسماعيل هنية، إن لم يُعد الأسرى الإسرائيليين، واليوم يتكرر الأمر ذاته مع بينيت الذي أعلن عن سياسته "جز العشب" أمام حماس، وتفكيك قدراتها العسكرية، إلى حين إخضاعها، لكنه مع ذلك يمضي معها إلى تسوية.
رغم الانتقادات الإسرائيلية الموجهة لقادة اليمين وزعماء الحكومة، فإنهم في الوقت ذاته يعتقدون أن التسوية مع حماس أمر إيجابي، لأنه في الواقع الحالي لا يوجد حل سحري مع غزة، فلا يعقل تشغيل بندقية إم16 أمام كل بالون حارق، لكن المشكلة أن اليمين يواصل إنكار هذا الواقع، ويكابر، حتى أن بينيت كما ليبرمان كما نتنياهو يواصلون إطلاق الشعارات الفارغة باستخدام السياسة القديمة الجديدة ذاتها، وفي أحيان أخرى يتم الحديث عن اللجوء لسياسة مختلفة.
في هذا الوقت بالذات، وفي موسم الانتخابات يمكن عد هذه الشعارات مفيدة لحصد مزيد من الأصوات، لكنها على أرض الواقع لا تقوى على البقاء طويلا، وربما آن أوان النهوض لهؤلاء اليمينيين للاعتراف بخطأ سياستهم، التي تصلح لها أوصاف الضعف والخضوع أمام حماس.