بناء اقتصاد وطني يحتاج لاستقلال وطني وطرد الاحتلال من أراضينا، لذلك الهدف المنظور مرحليا لتنمية ورفع مستوى معيشتنا بأراضي السلطة الفلسطينية هو (تحسين شروط الوضع الاقتصادي) بالمساحة المتاحة، حيث يمكن تحقيق قفزة نوعية من خلال التحرر من بروتوكول باريس الاقتصادي وليس تعديله، لأن تطبيقنا للبروتوكول الاقتصادي يعني _الانضمام للكيان الصهيوني من خلال الغلاف الجمركي الواحد_ يعني بالمفهوم السيادي السياسي كل اراضي السلطة الفلسطينية بتنفيذ هذا البروتوكول هي جزء لا يتجزأ من الكيان الصهيوني، وهذا مخالف للقانون الدولي، وهي فكرة شيطانية لم يعرفها تاريخ الاستعمار سوى حالات محدودة مثل الجزائر عندما كانت فرنسا تعلن ان الجزائر جزء لا يتجزأ من التراب الفرنسي!!!؟؟
حتى هذه اللحظة الحديث عن بروتوكول باريس الاقتصادي يدور في اطار شعارات دون محصلة سياسية لكيفية الخروج منه ،المطروح وبإلحاح على جدول أعمال الحركة الوطنية الفلسطينية هو التحرر من قيود بروتوكول باريس الاقتصادي ،لذلك كله نؤكد خطورة استخدام الاقتصاد من أجل التطبيع بين الكيان الصهيوني والأنظمة العربية لأنه احد اهم المسارات للسيطرة على الاقليم.
استطاع العدو الصهيوني بعد مدريد وأوسلو عزل المسار السياسي الفلسطيني عن المسار السياسي العربي وهذه الخطوة سهلت قبول الكيان بالمنطقة كقوى سياسية واقتصادية معترف بها، وهذه الخطوة ساعدت الاحتلال في التحلل من التزاماته تجاه شعبنا كمحتل والقاء الاعباء وكلفة الاحتلال على جانب السلطة الفلسطينية وعدها وكيلا ثانويا دائما لمصلحته الامنية والسياسية وادارة عبء الشؤون اليومية للمواطن الفلسطيني بأراضي السلطة.
أنشطة العدو الصهيوني بالاقتصاد ركزت على عقد المؤتمرات والمشاركة فيها لتشكل المدخل العلني لدولنا العربية من جهته وعقد الصفقات التجارية تحت عنوان تنمية المنطقة لاستغلال ثرواتها، ونذكر بالمؤتمر الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال افريقيا المنعقد قبل 26عاما بالدار البيضاء _المغرب_ في أكتوبر 1994م تحت سقف اوسلو ومعاهدة وادي عربة مع الاردن، شارك بهذا المؤتمر 1114 رجل أعمال من 61 دولة. والمؤتمر الثاني في السياق نفسه عقد بالأردن بشهر 10/1995م وكان الحضور مماثلا ومتنوعا يشمل القطاعات الاقتصادية الاساسية ومتعددة الجنسيات. المقصود بهذه الانشطة والمؤتمرات ومخرجاتها ترتيب مسارات اقتصادية لتثبيت مسيرة السلام من خلال مؤسسات تُعنى بقضايا البنية التحتية، والسياحة، والتجارة والمال، ومجالات أخرى، ومؤسسات ترمي الى تنمية القطاع الخاص (توفير منتدى اقتصادي للتعاون الاقليمي) مثل:
1. بنك التنمية والتعاون الاقتصادي (مقره القاهرة).
2. مجلس سياحي اقليمي.
3. مجلس تجارة اقليمي.
4. أمانة سر تنفيذية للقمة الاقتصادية مقرها (الرباط).
5. أمانة سر لجنة المراقبة لمجموعة العمل بالتنمية الاقتصادية الاقليمية (مقرها عمان).
كل هذه المؤسسات لم يكتب لها الحياة بسبب تعثر المسارات السياسية، كما توقف انعقاد القمم الاقتصادية بعدما كان مقرر انعقاد القمة الثالثة الاقتصادية بالقاهرة سنة 1996م ،والقمة الاقتصادية الرابعة بقطر سنة 1997م ،وبسبب انهيار المسار السياسي الفلسطيني مع الكيان الصهيوني (سنة 1996م-1999م) لم تعقد اجتماعات مجموعة العمل المعنية بقضايا التعاون الاقليمي (التنمية الاقتصادية ،المياه ،البيئة ،اللاجئون ،ضبط التسلح والامن الاقليمي) وهذا يؤكد اولوية المسار السياسي الفلسطيني المتعلق بالأرض والسيادة وسائر الحقوق الوطنية ،من هنا وصلنا الى مؤتمر ورشة المنامة الاقتصادي.
قرر المتنفذون بالإقليم الالتفاف على اولوية المسار السياسي للوطن والحقوق السياسية واستباقها بالمسار الاقتصادي من خلال ما تقدم من مؤتمرات!!؟ مثلت هذه الخطوة انقلابا على خطة السلام العربية وطعنة بالظهر للسلطة والحقوق الفلسطينية الوطنية حيث تبدلت الاولويات المتفق عليها لحل القضية الفلسطينية ،واصبح الانفتاح الاقتصادي على العدو الصهيوني من الانظمة العربية واقعا مؤلما وخطيرا للفلسطينيين.
الناظر لورشة المنامة من الاقتصاديين المطلعين على ترتيب المؤتمرات الاقتصادية يلمس أنها سابقة متكررة باهتة للتجارب المنفذة قبلها وستفشل كغيرها ،لقصور وسائلها عن الاهداف التي ترسمها لنفسها ،والمتابعون الاقتصاديون والسياسيون يشيرون إلى الصدى الاعلامي الكبير لورشة المنامة اذا ما قورنت مع المؤتمرات السابقة المذكورة ومخرجاتها.
• ورشة المنامة خطوة اضافية على طريق تطبيع العلاقة العربية الصهيونية ،بل هي اول ترسيم للعلاقة بين الكيان الصهيوني والانظمة العربية.
• ورشة المنامة هي ترسيم للعلاقة السياسية بين الانظمة العربية والكيان الصهيوني ،ومعنى الترسيم سياسيا اقل بدرجات من التطبيع لان التطبيع يعني علاقة سياسية ومجتمعية بين شعوب المنطقة والكيان الصهيوني وهو ما لم يتم حتى اللحظة مع الشعوب العربية الاصيلة.
• للدقة اكثر في الطرح السياسي نقول ما يريده راعي ورشة المنامة الاقتصادية والصفقة هو توفير مظلة سياسية يتم تحتها تثبيت المزيد من الحقائق بالأمر الواقع الاستعماري الاستيطاني التهويدي بفلسطين ،ومزيد من التطويع للقرار السياسي العربي المستجيب للترتيبات الاقليمية الحديثة.
• وللمقاربة فلسطينيا وعربيا هذا يعني ان اوسلو كانت مظلة لضياع فلسطين واليوم ورشة المنامة والصفقة ستكونان ضياعا للإقليم وتصفية للقضية العربية الفلسطينية نهائيا ،ان لم نتبع استراتيجية عمل وطني اجتماعي محورها:
1. تصعيد المقاومة الشعبية.
2. التحرر من التزامات اوسلو وإملاءاتها.
3. عزل الكيان الصهيوني ومعاقبته دوليا وتعزيز مكانة الدولة الفلسطينية بالمحافل الدولية.
4. إنهاء الانقسام بتوطيد العلاقة بالمجتمع الفلسطيني واحترام الحريات السياسية.
• نتساءل لماذا لم تتجه السلطة حتى اللحظة للأمم المتحدة للمطالبة بعزل الكيان الصهيوني المحتل بعد تنصله من كل الاتفاقيات الموقعة ،حيث المادة 41 بميثاق الامم المتحدة تنسجم وتدعم فكرة العزل والمقاطعة لدعم العدالة الدولية والشرعية وفيها يقرر مجلس الامن ما يتخذه من تدابير لتنفيذ المقاطعة ،وصولا الى المقاطعة الدبلوماسية.
• لماذا لا نستفيد من تجربة جنوب افريقيا ونحن اصدقاء معهم وهم جاهزون لإرشادنا؟ أليس الجدار الفصلي تمييزا عنصريا بالضفة الغربية؟
• ألم نقرأ قرار مجلس الأمن بحق جنوب افريقيا العنصرية سنة 1966م قرار رقم 232 ثم قرار رقم 253 سنة 1968م.
• لماذا لا نستفيد من تجربة حزب الوفد المصري بعد اعتقال سعد زغلول من الاحتلال البريطاني سنة 1921م حيث دعا المصريين لمقاطعة بريطانيا وسحب ودائعهم المالية من المصارف البريطانية ودعوة التجار المصريين لعدم شحن بضائعهم في السفن البريطانية.
• ألم تقاطع الامة الصينية سنة 1906م البضائع الامريكية احتجاجا على قيود التمييز ضد هجرة الصينيين لأمريكا.
• شعبنا العظيم ،نحن امام لوحة نضالية سياسية وشعبية ومجتمعية ينقصها فقط القرارات السيادية الرئاسية والحكومية للتفعيل.
• ونؤصل هنا للمقاطعة العربية مع الاحتلال جذورها مطلع القرن العشرين ،حيث قرار الجامعة العربية في 2/12/1945م يعد منتجات المستوطنات غير مرغوب فيها بالبلاد العربية ،واعلن مجلس الجامعة العربية تنظيم مقاطعة شاملة للكيان الصهيوني بقانون موحد بموجب قرار رقم 849 سنة 1954م وحيثياته هي:
1. منع التعامل المباشر مع الكيان الصهيوني.
2. منع التعامل غير المباشر بوسيط ثالث مع الكيان الصهيوني
3. فرض عقوبات على الشركات التي تتعامل مع الكيان الصهيوني بوضعها بقائمة سوداء لمنع تعاملها مع كل الدول العربية.
• ردا على كل سياسة الاحتلال واذنابه ،يجب تفعيل BDS شعبيا ،اما سياسيا ندعو سفاراتنا وحكومتنا للقيام بواجبهم الوطني بفضح هذا السلوك المخادع والتركيز على تفعيل العلاقة بالشعوب العربية وبرلماناتها ،ولوقف هذا الانزلاق المتهور الجشع وغير المحسوب من الانظمة العربية نحو الكيان الصهيوني ،يجب التركيز من كل الفلسطينيين على نقاط الالتقاء لتوسيع تلاحم الجبهة الداخلية بمواجهة _رؤية ترامب نتنياهو_ لندخل حالة التمكين الوطني بومضات مضيئة بالعلاقات الوطنية الداخلية لنكون جديرين بقيادة هذا الشعب المعطاء المرابط ،دعونا نراكم المواقف الإيجابية مثل رفض ممثل فلسطين بمجلس الامن الدولي نعت حماس بالإرهاب والتأكيد انها جزء اصيل من شعبنا.
• الارادة السياسية المنظمة وفق برنامج وطني موحد وخارطة طريق متفق عليها لتطبيق هذا البرنامج ستكون الطريق الاقصر للوصول للهدف وهو التحرر والدولة المستقلة الفلسطينية وعاصمتها القدس وحق العودة .