الانطواء، والاكتئاب، واضطرابات النوم، والبدانة، وتشوه وضعية الجسم، عواقب صحية وخيمة برزت في الآونة الأخيرة بشكل كبير ومُخيف كنتيجة طبيعية للإدمان على منصات التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا)، كيف لا وقد أضحت تلك المنصات أحد أهم مفردات الحياة اليومية المعاصرة لكل الفئات العمرية بلا استثناء؛ فهي تتيح البقاء على تواصل مع الأقارب، والأصدقاء، والزملاء، والمعارف، وفي المقابل لا تخلو أيضاً من المخاطر، مثل خطر إدمانها عند سوء الاستخدام.
من صور الإدمان على منصات التواصل الاجتماعي، الاستخدام المُفْرِط والخارج عن السيطرة، أي استخدام (السوشيال ميديا) طوال اليوم فور الاستيقاظ من النوم وقُبَيْل الخلود إلى النوم، إضافة لإهمال الأنشطة الحياتية الأخرى، مثل: العمل، والدراسة، والهوايات، والعلاقات الاجتماعية الحقيقيّة، وليس هذا فحسب؛ فَعِنْد تَعَذُّر استخدام تلك المنصات تظهر أعراض أخرى، تتمثل في اعتلال المزاج والعصبية، وسرعة الاستثارة، والعدوانية، ومشاعر القلق، والخوف من الفُقدان.
أفاد تقرير صدر حديثاً عن شركة أيبوك (Ipoke) الفلسطينية لتكنولوجيا المعلومات بأن 32% من مستخدمي موقع فيسبوك يستغرقون في عملهم على تلك المنصة خلال الجلسة الواحدة مدة زمنية تزيد عن الساعة، وأن 44% من الفلسطينيين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي بفلسطين في الفترة المسائية الواقعة ما بين الساعة 5 عصراً حتى الساعة 9 مساءً، التي تُعدّ أنسب فترة يُمكن أن تجتمع فيها الأسرة مع بعضها البعض، لكن وبكل أسف نجد أن الفيسبوك يسرق بهجة هذه الأوقات ومتعتها لانشغال أفراد الأسرة بمتابعة آخر المُستجدات على تلك المنصة، وكلُ فردٍ من أفراد الأسرة أصبح منطوياً على نفسه، متقوقعاً على جهازه المحمول. إذاً ما هو السبيل للتخفيف من آثار (السوشيال ميديا)؟؟!!
يُمكن للمرء محاولة السيطرة على استخدام (السوشيال ميديا) ببعض الوسائل المساعدة الإلكترونية، مثل: تطبيق (Digital Wellbeing) الذي تُقدمه شركة جوجل المُخصص لأجهزة الأندرويد (Android)، حيث يمتلك التطبيق ميزة الرفاهية الرقمية (Digital Wellbeing) التي تُمكِّن المُستخدمين من مُتابعة أنشطتهم ومُراقبتها وفرض رقابة أبوية على أنفسهم بأنفسهم، عبر التحكم في الكثير من خصائص الهاتف الذكي، مثل: مدة استخدام الهاتف، والوقت الذي يتم فيه إيقاف تشغيل أحد التطبيقات، وغيرها من الخصائص المتعددة، أما لمُستخدمي نظام (Apple) يُمكنهم استخدام وظيفة (Screen Time) التي تُعَدّ مُقابِلة لنفس الخدمة التي تُقدمها شركة جوجل، والتي تُوفِّر بها الشركة وسيلة قوية للتغلب على إدمان الهواتف الذكية.
ختاماً، يحتاج هذا الأمر إلى وقفة جادة لكل مِنّا مع نفسه، حتى نحمي الأجيال القادمة من خطر الإدمان على أفيون السوشيال ميديا.