ثلاثة شروط تمثّل القاعدة الراسخة التي تقوم عليها إستراتيجية العمل الفلسطيني لمحاربة صفقة القرن، ونقصان شرط من هذه الشروط يعني عبور صفقة القرن على جسد الأرض الفلسطينية برضا المسؤولين، ومعرفتهم وتعاونهم مع عدوهم الذي يحرص على القبض على عنق الأرض بمقدار حرص الكثير من المسؤولين على قبض مخصصاتهم وضمان مستقبل أبنائهم، وهذا هو الفجور السياسي الذي يحدد شروط الانتصار على صفقة القرن بالشروط التالية:
الشرط الأول: وقف التنسيق والتعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية، وهذا يعني إلغاء اتفاقية أوسلو، وإلغاء اتفاقية أوسلو يعني بلوغ الفلسطينيين سن النضج السياسي، والاستعداد لشد الرحال إلى مواجهة شاملة مفتوحة مع الاحتلال الإسرائيلي، والمواجهة تعني فرض الحصار على سكان الضفة الغربية مثلما هو مفروض على سكان قطاع غزة، وهذا يعني استعداد القيادة الفلسطينية لتحمل المسؤولية، والتخلي عن الامتيازات والهناء، بحيث تصير حياة حسين الشيخ معادلاً موضوعياً لحياة مروان البرغوثي خلف الأسوار، ويصير مستقبل طارق بن محمود عباس مقترناً بمستقل الأسير كريم يونس، فهل قيادة منظمة التحرير مستعدة لحمل الأمانة التي ستكلف البعض حياته، وتكلف البعض ثرواته ومقتنياته الفاخرة؟
إنها المواجهة، فهل القيادة الفلسطينية جاهزة وقادرة على خوض غمار هذه المواجهة المكلفة والمرهقة، والتي سيترتب عليها تقديم القرابين والضحايا؟ وهل القيادة الفلسطينية الراهنة على استعداد للسير على درب أبي عمار، حين قال: شهيداً؟ ونال ما سعى إليه؟ وهل السيد عزام الأحمد ومحمد اشتية وماجد فرج ومحمد المدني على استعداد لأن يلتحقا بالشهيد رائد الكرمي؟
الشرط الثاني: حشد كل طاقات الشعب الفلسطيني وقدراته لمواجهة دولة الاحتلال الإسرائيلي، والتعامل مع هذه الدولة كعدو اغتصب أرض فلسطين كلها، وليس كصديق أو جار، دولة (إسرائيل) هي العدو، وليس أمام الفلسطينيين إلا مواجهة عدوهم مجتمعين، وعليه، فإن كل القوى الوطنية والسياسية والشعبية الفلسطينية هي جزء من المعركة، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال لقاء فلسطيني شامل لكل التنظيمات والقوى الفلسطينية، وهذا يعني الشراكة السياسية، والقيادة الجماعية، والتضحية المشتركة، فهل القيادة الفلسطينية جاهزة لذلك؟
الشرط الثالث يعتمد على تحقيق الشرطين السابقين، ويتمثل في استنفار القوى العربية والإسلامية والإنسانية لنصرة القضة الفلسطينية، فلا يعقل أن يسمع العرب عن ارتقاء محمود عباس شهيداً على يد العدو الإسرائيلي، ويجرؤ أي منهم على التطبيع مع (إسرائيل)، ولن يخذل العرب الفلسطينيين، وهم يرون الرجوب والعالول والطيراوي والهباش يرفلون بالقيود، ولن تبخل أي دولة عربية بالعطاء للقضية، وهم يشاهدون الشعب الفلسطيني يشيع إلى مثواه الأخير شهداء المقاومة، ومن ضمنهم أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية؟
هذا الفعل الميداني المقاوم كفيل بأن يستنهض طاقة الشعوب العربية، ويؤثر على المواقف السياسية للحكام العرب، وكفيل بأن يفرض على الأردن العربي أن يلغي اتفاقية وادي عربة، وأن يلغي اتفاقية الغاز البائسة.
فإذا لم يكن بمقدور القيادة الفلسطينية أن تتقنّع بالكوفية، وتتحمل تبعات المقاومة، فما عليها إلا أن ترحل، وتفتح الأبواب للأجيال الشابة القادرة على تحمل أعباء المرحلة.
دون ما سبق من شروط، فإن كل من يدعي أنه يواجه صفقة القرن كذاب، ويخون الأمانة، ويؤثر سلامة مصالحه وأهله وماله وبيته ونفسه على مصلحة الوطن فلسطين.