جاءت حملة الفجر العظيم خلال فترة تتراجع فيها الأعياد الدينية اليهودية، فهذه الأعياد لها عدة مواسم تتركز ما بين الفصح العبري الذي يوافق في الغالب شهر 3 الميلادي، وعيد العرش الذي يوافق في الغالب شهر 10 الميلادي، وبما أن جماعات الهيكل توظف تلك الأعياد كرافعة لاقتحاماتها بشكلٍ سنوي، فقد باغتتها حملة الفجر العظيم في وقت كمونها، في الوقت البعيد عن المواسم التي تسمح له باستقطاب أنصارها، فلجأت جماعات الهيكل لاختراع عيد لتدارك الأمر.
ونظمت ما يسمى "اتحاد منظمات الهيكل" المزعوم اقتحامًا مركزيًا واسعًا للمسجد الأقصى المبارك صباح الاثنين الماضي بمناسبة ما يسمى "يوم الشجرة العبري".
ولم يسبق أن عُدَّ "يوم الشجرة العبري" عيدًا أو أن دُعي لاقتحام المسجد الأقصى فيه، فهو يؤرخ لبدء الموسم الزراعي بالتقويم العبري، وبهذا اليوم "يحتفل اليهود بالشجرة وزراعتها وتقديم بكور الثمار".
انطلاقًا من ذلك، فإن يوم الشجرة الذي يقع في 15 شباط العبري هو عمليًا يوم بداية الموسم الزراعي، وهو بالتالي لا يحمل أهمية دينية، والاحتفاء به يتركز على الفرح بالثمار والشجر وبدء زراعتها، بحسب الباحث في شؤون القدس زياد الحسن.
ويقول الحسن لصحيفة "فلسطين": "من حيث المبدأ تقلب حملة الفجر العظيم الطاولة على محاولة عزل الأقصى عن المصلين بالحديد والنار".
وأشار إلى أنه منذ عام 2000 ومسار عزل الأقصى عن المصلين يمضي كأحد المكونات الأساسية لمخطط تقسيمه، فتقسيم الأقصى يستحيل بحضور إسلامي بشري كثيف، ولا بد من عزل الأقصى والاستفراد به كي يصبح تقسيمه ممكنًا زمانيًّا ومكانيًّا.
إنجاز يتبدد
ومضت تلك السياسة، حسبما ذكر الباحث المقدسي، بشكل تدريجي بعزل أبناء قطاع غزة ومنعهم من الوصول للأقصى منذ عام 2000، وعزل أبناء الضفة الغربية مع اكتمال مقاطع الجدار وتوسيع الحواجز ومحاولة تحويلها إلى "معابر دولية" بدءًا من عام 2003، أما أبناء الأرض المحتلة عام 1948 فعزلوا بعد تجريم مؤسسات الرباط وحظر الحركة الإسلامية في نهاية عام 2015.
وقال: "ظن الاحتلال وعلى رأسهم جماعات الهيكل أن الفرصة باتت مواتية، فجاءهم الرد من انتفاضة السكاكين 2015 إلى هبة باب الأسباط 2017 وهبة باب الرحمة 2019 واليوم الفجر العظيم مع مطلع 2020".
ورأى أن الدعوة إلى اقتحامات جماعية في "يوم الشجرة" العبري تبدو مفسرة ومفهومة؛ فجماعات الهيكل تنظر إلى ما كانت تعده "إنجازًا" تراكم عبر السنوات يتبدد بحضور المرابطين والمصلين بأعداد كبيرة، فيعيدون التواصل مع الأقصى ويكسرون طوق العزلة والاستفراد عنه.
وأوضح أن ذلك يأتي وهي بعيدة عن موسم التعبئة المريح لها، ما يضطرها لاختراع أي مناسبة لعلها تجيّش لحشد المقتحمين، وهناك شك كبير في إمكانية استجابة جمهور جماعات الهيكل لهذه الدعوات.
استغلال الفرص
الباحث في شؤون القدس ناصر الهدمي يقول: إن "منظمات الهيكل" التي هي أحد أذرع الاحتلال تبحث عن كل فرصة من أجل الدعوة لاقتحام المسجد الأقصى، واليوم تستغل عنوانًا جديدًا يسمى "بعيد الشجرة" لاقتحام المسجد ما يؤكد حجم استفزازهم من حملات "الفجر العظيم".
ورأى الهدمي في حديث لصحيفة "فلسطين" أن حملة "الفجر العظيم" بالمسجد الأقصى وكل مساجد الضفة الغربية وقطاع غزة لها مؤشرات صحوة تؤرق الاحتلال باقتراب زواله، ما أجبره على اختراع مناسبات لمواجهة هذه الصحوة.
ولفت إلى أن "عيد الشجرة" إحدى المحاولات الإسرائيلية لاختراع أي فرصة من أجل اقتحام الأقصى، فحملات الفجر مؤشر صحوة خطير بالنسبة للاحتلال، ويشير إلى مرحلة جديدة من الصراع، مبينًا أن الاحتلال ينظر لخطورة ما يحدث حينما يخرج رجال ونساء وفتيان وأطفال في البرس القارس لصلاة الفجر، ما يعني تحول في التفكير النابع من عقيدة إسلامية للحدث كفرض واجب من أجل التحرير.
وأشار إلى أن أكثر ما يخشاه الاحتلال تحول الصراع إلى عقائدي ديني وجودي والأحداث اليوم تذهب نحو الاتجاه الذي يخشاه الاحتلال، بعدما حاول تحويلها عبر العقود الماضية لقضية سياسية عبر قضية ضم الضفة.
وكان آلاف المصلين أدوا صلاة فجر الجمعة في المسجد الأقصى، رغم إجراءات الاحتلال التعسفية التي حاول عبرها عرقلة وصول المصلين من الداخل المحتل.

