تقول النساء في فلسطين: سلام الأصبع لا يضر ولا ينفع، ولكن لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت في نيويورك سيضر القضية الفلسطينية، ولن ينفع، ولا صحة لمن يزعم أن اللقاء سيحشد المجتمع الدولي ضد نتنياهو، وأن المؤتمر الصحفي سيحض الناخب الإسرائيلي لئلا يعطي صوته إلى اليمين المتطرف، وأن اللقاء سيخدم التوجه السياسي لرئيس السلطة، الذي قال عنه أولمرت لصحيفة يديعوت أحرونوت : "إن محمود عباس يحظى بدعم الأجهزة الأمنية في (إسرائيل)، وإن تعاونه مع عناصر الأمن الإسرائيليين منع الإرهاب ضد مواطنينا، وإنه الشريك الوحيد لتحقيق السلام معنا".
لقاء أولمرت عباس والمؤتمر الصحفي المشترك سيكون لهما تأثير عكسي على الناخب الإسرائيلي كما حدث في انتخابات سنة 2008، حين لجأت منظمة التحرير الفلسطينية إلى نشر إعلانات تجارية مدفوعة الأجر في الصحف الإسرائيلية، تشرح فيها منافع وأفضال مبادرة السلام العربية؛ لتكون النتيجة عكسية، حيث فاز حزب الليكود بزعامة نتنياهو، نتيجة كشفت عن مزاج المجتمع الإسرائيلي، الذي يزداد غطرسةً وتجبراً كلما ازداد أعداؤه خنوعاً وتذللاً.
اللقاء سيشجع المطبعين العرب، وسيطلق لسانهم ليكرر مقولة وزير الخارجية المغربي: "لن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين" فما دام رئيس السلطة الفلسطينية يلتقي مع رئيس وزراء إسرائيلي سابق، فلماذا لا يلتقي البرهان في السودان مع رئيس وزراء إسرائيلي لاحق؟ ولماذا لا يستقبل السلطان قابوس نتنياهو في عُمان؟ ولماذا لا تستورد مصر والأردن الغاز من (إسرائيل)؟ ولماذا لا تلتقي الإمارات مع (إسرائيل) في واشنطن؟ ولماذا لا يصير التحضير للقاء موسع يضم نتنياهو وعديد من الحكام العرب في القاهرة؟ ولماذا لا تشارك البحرين وأخواتها في احتفال الإعلان عن صفقة القرن؟
لقاء عباس أولمرت يطعن الجماهير العربية في ضميرها النابض، ويلوث وجدانها النقي الطاهر؛ الذي لا يفرق بين نتنياهو زعيم حزب الليكود الحالي، وأي زعيم سابق لحزب الليكود أمثال: إيهود أولمرت، وشارون، وإسحق شامير، ومناحيم بيجن، فكلهم إرهابيون قتلة، كلهم مجرمون أوغلوا في الدم العربي حتى سال الموت من أصابع إيهود أولمرت في عدوانه على غزة سنة 2008، بالقدر نفسه الذي تلطخ فيه وجه نتنياهو بدماء أطفال غزة سنة 2014، وبالقدر نفسه الذي غاص فيه شارون بدماء العرب، ودماء الفلسطينيين في الضفة الغربية سنة 2002، وبالقدر نفسه الذي حز فيه مناحيم بيجن بسكين الأحقاد أعناق النساء والأطفال في قرية دير ياسين سنة 1948.
لقاء عباس أولمرت هروب من المواجهة الحقيقية على طرق المستوطنين، والغرق في مواجهة خادعة أمام وسائل الإعلام، واللقاء لهاث رخيص خلف أكذوبة المفاوضات، التي سقطت في أكثر من اختبار، لذلك يجب على الشعب الفلسطيني بتنظيماته ومؤسساته وشخصياته أن يصرخ في وجه السيد عباس: كفى، كفى استخفافاً بمصير شعب تهرب منه الأرض جراء هروبك من المواجهة الحقيقية والحتمية مع الاحتلال.
يا عباس، كفى للقاءات الانهزامية، والخطابات البلاغية، والبيانات الهزلية، والتهديدات اللفظية، وكفى انتظاراً للحسرات والنكبات والصفقات التي يمارسها المحتلون على أرض الواقع.
ملحوظة: إدارة فيسبوك تشطب منشور البروفيسور الإسرائيلي غولدبلوم، أستاذ الكيمياء في الجامعة العبريّة، لأنه ناشد الفلسطينيين في الضفّة الغربيّة لإنشاء ميليشياتٍ مُسلحّةٍ للدفاع عن مدنهم وقراهم ضدّ المستوطنين الإسرائيليين!