فلسطين أون لاين

رئيس اللجنة الاقتصادية في "التشريعي"

حوار عدوان: أموال "صفقة ترامب" المزعومة "طُعم سام" لن يقبله شعبنا

...
غزة/ أحمد المصري:

يصف رئيس اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي، د. عاطف عدوان، أموال صفقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التصفوية للقضية الفلسطينية، بـ"الطُعم السام"، الذي من المستحيل وغير الممكن أن يقبله شعبنا وقواه وفصائله الحية كافة.

ويؤكد عدوان في حوار مع صحيفة "فلسطين"، أنّ طرح ترامب للأموال في مؤتمر إعلان صفقته، يمثل ما يراه "ثمنًا" في محاولة لانتزاع موافقة الفلسطينيين، مضيفًا: "هي محاولة إغراء لشعبنا للقبول بصفقة ترامب في مقابل الأموال".

ويشير إلى أن المواقف و"الصفقات" السياسية من القوى العالمية كما حال إدارة ترامب، مغلفة غالبًا بجانبي الترغيب والترهيب، وأن ظن الأخيرة هو أن لهذه الأموال التي يعدون بها، آثارًا مباشرة مزعومة تسرع في استجابة الفلسطينيين والقبول بالصفقة.

ويضيف: "الأموال التي أعلنها ترامب، كما هو الطعم في الصنارة، تراه الأسماك منفعة، إلا أنه يقودها إذا ابتلعته لشباك الصياد"، مؤكدًا أن هذه الرغبة شعبنا يفهمها جيدًا ولا يمكن أن يقايض كرامته وأرضه ومقدساته مقابل أموال الدنيا".

وتزعم خطة ترامب، أن مليون فرصة عمل جديدة ستخلق للفلسطينيين في حال قبولهم بتنفيذ الخطة، وخفض معدل الفقر إلى النصف، ورفع الناتج القومي الإجمالي للاقتصاد الفلسطيني مع توفير 50 مليار دولار للإنفاق في مشروعات للبنية التحتية والاستثمار على مدى 10 سنوات لكل ما سميت "الدولة الفلسطينية المستقبلية" وجيرانها الأردن ومصر ولبنان.

ولن يُسمح لما أطلقت عليها صفقة ترامب، "الدولة الفلسطينية المستقبلية" بإنشاء أو تشغيل ميناء في غزة في المرحلة الأولى، وتزعم أن سلطات الاحتلال ستوفر للفلسطينيين عبر ميناءي حيفا وأسدود المنشآت الضرورية لاستيراد وتصدير السلع والمواد خلال السنوات الخمس الأولى، وتشترط للسماح لهم بإقامة مرفأ في غزة بعد ذلك ما سمته "الوفاء" بما قالت إنها "المتطلبات الأمنية" لكيان الاحتلال الإسرائيلي. وتزعم الخطة أنه سيتم ربط قطاع غزة بالضفة الغربية عبر نفق.

لكن عدوان يقول: "لا أظن أن هناك فلسطينيًّا يمكن أن يقبل بعرض أموال ترامب مقابل أرضه ومقدساته، وإن من يقبل فيها يكتب على نفسه تلقائيًّا الحذف من قاموس الفلسطينيين، بما يمثله ذلك من خيانة عظيمة".

ويؤكد أن شعبنا وقواه يحملون أمانة القضية والثوابت والمقدسات، وأن التفريط بذلك، يمثل خيانة للأمانة، مضيفًا: "حينما تخان هذه الأمانة لن يكون لمقترفها أي اعتبار أو احترام أو موقع، وسيمثل ذلك جريمة في تاريخ شعبنا الذي أثبت أنه من أكثر الشعوب تجذرا وتمسكا بحقه وأرضه".

ويشدد على أن الشعب الفلسطيني لو ترك من دون احتلال، وحصار، فلن يكون بحاجة أموال أمريكا أو غيرها، حيث لديه ما يكفيه من إمكانات، مؤكدًا أن من سبّب العيش الاقتصادي الصعب لشعبنا، هو الاحتلال، وحصاره، وبعض القوى الإقليمية في المنطقة؛ وفق تعبيره.

ووفقا لهذا الرفض الفلسطيني للصفقة ومغرياتها الاقتصادية، يتوقع رئيس اللجنة الاقتصادية في "التشريعي" أن تشهد الأوضاع الاقتصادية لشعبنا المزيد من الصعوبة، وتصعيد أدوات الضغط عليه.

"الضوء الأخضر"

ويشير عدوان، إلى أن أموال الصفقة عمليًّا لن تدفع أي منها واشنطن، وستحمل هذه المسؤولية بعض الدول العربية، متابعًا: "لولا أن ترامب أخذ الضوء الأخضر من بعض الدول الخليجية ما تجرأ لإعلان هذا المبلغ، وهو المبلغ الذي أقر سابقًا في مؤتمر المنامة".

وانعقد المؤتمر المذكور في البحرين، في يونيو/حزيران 2019، وشهد مشاركة نائب وزير المالية المصري، وزير المالية السعودي، وفد من وزارة المالية المغربية، أمين عام وزارة المالية الأردنية، إلى جانب مشاركة إماراتية، في ظل مقاطعة فلسطينية.

ويقول عدوان، إن صفقة ترامب ربما تسير في نفس الخط المتوازي لما سُمي سابقًا بـ"السلام الاقتصادي" المزعوم، الذي تبناه رئيس كيان الاحتلال الأسبق شمعون بيريز، في محاولة لتطبيع العلاقة ما بين (إسرائيل) والدول العربية عبر بوابة الاقتصاد.

ويتابع: "لم يكن الأمر لخدمة العرب بقدر ما أنه محاولة لتسييد الكيان على منطقة الشرق الأوسط وخدمة مصالحه، بحيث يخترق المجتمعات العربية الذي يدرك سلفا رفضها له"، مشيرًا إلى أنّ هذا الأمر أسس فيما بعد لمفاهيم التطبيع.

وفي 28 يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن ترامب في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، خطته لتصفية القضية الفلسطينية، ومن بنودها: عد مدينة القدس المحتلة بالكامل "عاصمة" مزعومة لـ(إسرائيل)، منع عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي المحتلة سنة 1948، الإبقاء على المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وسيطرة الاحتلال على منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت.

ومنذ 1967، أقام الاحتلال في الضفة الغربية 196 مستوطنة تشمل مستوطنات القدس إلى جانب نحو 100 بؤرة استيطانية عشوائية، ويتواجد في تلك المستوطنات نحو 750 ألف مستوطن، وفق مراقبين.

وتشترط صفقة ترامب التصفوية على الفلسطينيين الاعتراف بما يسمى "يهودية" (إسرائيل)، وسحب سلاح المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، والتفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي على أساس ذلك، للنظر في إقامة دولة فلسطينية مستقبلية، بلا سيادة، على ما تبقى من أراضي الضفة والقطاع.

وتنسف صفقة ترامب حتى ما تعرف "بمبادرة السلام العربية" المقرة في 2002، والتي تشترط إنهاء الاحتلال من أراضي ما تعرف بحدود 1967، للتطبيع مع (إسرائيل).

ورفضت الفصائل الفلسطينية صفقة ترامب. وقالت حركة المقاومة الإسلامية حماس، في بيان: "صفقة ترامب العدوانية تشكل خطرًا حقيقيًا على الأمن القومي العربي، وعدوانًا على حقوق أمتنا التاريخية"، مضيفة أنها ترمي إلى "تسمين المشروع الصهيوني، وستكون بالضرورة ضد المصلحة الوطنية لكل مكونات أمتنا العربية".

كما رفضت السلطة في رام الله صفقة ترامب، على لسان رئيسها محمود عباس الذي وصفها بـ"المؤامرة".

ويوصف عباس بأنه مهندس اتفاق أوسلو الموقع سنة 1993، والذي كان ينص على إقامة دولة فلسطينية على ما يعرف بحدود الرابع من حزيران/يونيو 1967، لكنه وصل إلى طريق مسدود. وخلال أكثر من عقدين على توقيعه استشرى الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وعززت سلطات الاحتلال سيطرتها على مدينة القدس، وتواصل حصارها المشدد لقطاع غزة.