فلسطين أون لاين

كيف يكون الخطاب الديني بعد صفقة القرن؟

...
652A0299.jpg
غزة- هدى الدلو:

زاد حجم المؤامرات التي تحاك ضد الأمة العربية والإسلامية وأضعفت من قوتها، والتي كان آخرها إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صفقة القرن التي مست بفلسطين والمقدسات الإسلامية بصورة أساسية، وبعد أن استشرت الفُرقة والفوضى وأضاعت البوصلة يحتم علينا أن نعيد ترتيب الأولويات وإعادة صياغة الخطاب الديني بعد صفقة القرن.

فقال د. زياد مقداد أستاذ مشارك في الفقه وأصوله بكلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية: "إن هذه الصفقة التي يعبر عنها بصفقة القرن شكلٌ من أشكال الغزو لبلاد المسلمين، وكذلك تعزيز صورة الهيمنة والسيطرة على المقدسات والثروات والأراضي الإسلامية، وعلى وجه الخصوص أرض فلسطين والقدس التي أنزل الله فيها قرآن يتلى".

وأضاف: "لذلك فإن من واجب المسلمين على كل المستويات أفرادًا وجماعات وحكامًا أن يقفوا سدًا منيعًا أمام تنفيذ هذه الصفقة بكل الوسائل بدءًا بالتصريح والإعلان عن رفضها واستنكارها، وأنها نوع من أنواع البلطجة، ومرورًا بعدم المشاركة بأي اتفاقيات من شأنها أن تثبت هذه الصفقة على الأرض".

وأشار د. مقداد إلى أن هذه الصفقة تعبر عن الوجه القبيح للغرب والصهاينة الذين ما فتئوا منذ قرون على محاربة الإسلام ونشر الفساد في بلاد المسلمين، ونهب ثرواتهم، وإفساد عقيدتهم، فيريدون أن يطمسوا الهوية الإسلامية ليس في فلسطين بل في العالم الإسلامي، لكن كما قال الله تعالى: "وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ"، وقوله أيضًا: "يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ".

وأوضح أنه لذلك من واجب الدعاة والخطباء والإعلاميين أمور كثيرة اتجاه هذه الصفقة الإجرامية، فعليهم أن يبينوا للناس والشعوب حقيقة الصفقة وتفاصيلها وأبعادها وآثارها السلبية التي تعود على المسلمين والفلسطينيين.

ونوه د. مقداد إلى أنه ينبغي أن يبينوا للناس أن تراب فلسطين لا يباع بمثاقيل الذهب والفضية، وتعبد الله بالمحافظة عليها، والتفريط فيها هو تفريط بالعقيدة والدين، وعلى الخطباء والإعلاميين أن يتوحدوا في مجابهة الصفقة، لأن العدو لم يكن له أن يتجرأ الإعلان عن الصفقة لولا فرقة المسلمين وحالة التخاذل والتراجع.

وتابع حديثه: "كما يجب أن يكون الخطاب استنهاض لهمة المسلمين، والتأكيد على أن هذه الصفقة ستبقى زوبعة في الفضاء، ولا مكان لها ما دام المسلمون يحملون الراية ويرفضون تطبيقها ويتحدوا من صاغوها".

ونبه د. مقداد إلى أنه ينبغي أن يكون الخطاب بمعرفة الدعاة المسلمين مصادر قوتهم عبر الزمان والمكان، فيبلغ عددهم فوق المليار، ودينهم واحد، فيمتلكوا أسباب القوة والقدرة على الرد على الأمريكان والصهاينة.

وأكد أن السكوت على هذه الجريمة والمشاركة في التطبيل لها يعتبر خيانة لله والرسول والدين والمقدسات والشعوب والأوطان.

وبين د. مقداد أن فلسطين تلتهم شبرًا شبرًا وكذلك المقدسات، فأي حياة كريمة تبقى بعد ذلك؟، "فهي حياة الذل والعار التي سنحياها بعد ذلك إذا سيطروا على المقدسات، فلن يبقى لنا هوية ولا عزة ولا كرامة".

وختم حديثه: "الأمر ليس فقط على فلسطين فحسب، ما يحدث في العراق وليبيا واليمن وغيرها هجمة مسعورة يقصدون فيها طمس الهوية الإسلامية، وزيادة السيطرة الغربية والصليبية الصهيونية، لذلك علينا أن نتمسك بحبل الله ونأخذ بالأسباب التي من شأنها أن تحمي المقدسات".