حين يتحدث الفلسطينيون عن إنهاء الانقسام، وعن الوحدة الوطنية، يركزون حديثهم على غزة والضفة الغربية، ويتجاهلون 2 مليون فلسطيني يعيشون في دولة الكيان الصهيوني، رغم أنهم مستهدفون وفق ما جاء في صفقة القرن، مثلهم مثل أهل غزة والضفة الغربية، لذلك يجب ألا يكون تحقيق اللقاءات بين قيادات غزة والضفة الغربية هدفاً بحد ذاته، إن لم يتضمن التنسيق والتعاون مع فلسطينيي 48، فصفقة القرن طالت الجميع بشرها، وهي تلاحق أولئك الذين يقيمون في بلادهم فلسطين منذ حرب 48، ولم يغادروها أبداً، فإذا بصفقة القرن تهدد بتهجير أكثر من ربع مليون فلسطيني بشكل خاص، وتزعزع استقرار حياة 2 مليون فلسطيني بشكل عام.
على الفلسطينيين جميعهم القاطنين بين النهر والبحر مواجهة صفقة القرن بقلب واحد وروح واحدة، ولاسيما أن عدد فلسطينيي 48، وعدد فلسطينيي غزة، وفلسطينيي الضفة الغربية يبلغ7 ملايين إنسان تقريباً، في حين يبلغ عدد اليهود على أرض فلسطين 6.772 مليون يهودي فقط، هذا التطور الديمغرافي يجب أن يؤخذ بالاعتبار حين يصير التشاور الفلسطيني لوضع البرنامج السياسي الموحد، والفعل الميداني الموحد، والهادف إلى مواجهة عدو العرب والفلسطينيين الأوحد.
مواجهة صفقة القرن تفرض على الفلسطينيين لقاءً ثلاثي الأبعاد، يناقش سبل الرد الموحد على صفقة تستهدف التجمعات الفلسطينية الثلاثة، والتي مزقتها إسرائيل، وقسمتها وفق مصلحة الأقلية اليهودية على أرض فلسطين، وليكن اللقاء الجامع من خلال التقنية الحديثة، وبصورة علنية، لتفادي التسلط الإسرائيلي الذي سيمنع اللقاء على أرض غزة، وسيحول دون تحقيقه على أرض الضفة الغربية، ولن يوافق على لقاء فلسطيني جامع وسط التجمعات العربية في فلسطين 48.
لقاء ثلاثي الأبعاد بين الفلسطينيين المضطهدين غرب النهر لا يعني التخلي عن الفلسطينيين المطرودين من أرضهم في الشتات، أولئك الذين تنكرت لحقوقهم صفقة القرن ونسيتهم اتفاقية أوسلو، ولكن مقتضيات المعركة الميدانية على أرض فلسطين تتطلب في المرحلة الراهنة من الصراع حشد الطاقات الداخلية، والاكتفاء بالدعم الإعلامي والسياسي من فلسطينيي الشتات.
قد يقول البعض: إن عقد مثل هذه القاءات سيشجع إسرائيل على تنفيذ مخططها ضد فلسطينيي 48، ويحرض اليمين الإسرائيلي ليعجل بترحيل أكثر من ربع مليون فلسطيني يقطنون المثلث، وهذا كلام غير دقيق، فطالما تطرقت صفقة القرن لفلسطينيي المثلث، ووضعتهم ضمن مخططها، فذلك يعني أن العمل جارٍ، والتنفيذ على الأبواب، وهذا ما يستوجب سرعة الرد الموحد الذي يعكس التعاون والتنسيق بين الأطراف الفلسطينية الموزعة جغرافياً على ثلاث مناطق، وسرعة الرد الموحد كفيلة بإفشال صفقة القرن ووضع عصا التفجير في دواليبها.