"إنها أخطر ما مر على الشعب الفلسطيني منذ نكبة سنة 1948م"؛ بهذه الكلمات علق الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، على صفقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية.
وأكد البرغوثي في حديث إلى صحيفة "فلسطين" أن "صفقة ترامب ولدت ميتة ولن تمر"، مشيرًا إلى أنها صفقة إسرائيلية كتبها رئيس حكومة تصريف الأعمال الاحتلالية بنيامين نتنياهو، ويُروج لها بغلاف أمريكي مع فريق ترامب، الذي يتواطأ تمامًا مع نتنياهو.
وأوضح أن هدف خطة ترامب هو تصفية القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية، واستبدال "نظام الغيتو" بالدولة الفلسطينية، مدللًا على ذلك بالخريطة التي نشرها ترامب عبر صفحته في موقع تويتر، وتوضح الدولة الفلسطينية المستقبلية ووضع الفلسطينيين في معازل، قائلًا: "وهذا لن نقبله وسنتصدى له بالمقاومة الشعبية والكفاح الوطني والنضال بكل أشكاله".
"طعنة قوية"
وقال البرغوثي: "لم نتفاجأ من إعلان ترامب صفقته، وكنا نتوقع ذلك منذ أن أعلن الاعتراف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي ونقل سفارة بلاده إليها".
والثلاثاء الماضي، أعلن ترامب في مؤتمر صحفي مشترك مع نتنياهو، خطته لتصفية القضية الفلسطينية، ومن بنودها: عد مدينة القدس المحتلة كاملة "عاصمة" لـ(إسرائيل)، ومنع عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي المحتلة سنة 1948م، والإبقاء على المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وسيطرة الاحتلال على منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت.
ومنذ 1967م أقام الاحتلال في الضفة الغربية 196 مستوطنة تشمل مستوطنات القدس ونحو 100 بؤرة استيطانية عشوائية، ويوجد في تلك المستوطنات نحو 750 ألف مستوطن، وفق إفادة مراقبين.
وتشترط صفقة ترامب التصفوية على الفلسطينيين الاعتراف بما يسمى "يهودية" (إسرائيل)، وسحب سلاح المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، والتفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي على أساس ذلك، للنظر في إقامة دولة فلسطينية مستقبلية، بلا سيادة، على ما تبقى من أراضي الضفة والقطاع.
وتوقع البرغوثي أن تمارس الولايات المتحدة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي بالتعاون مع أطراف عدة في المجتمع الدولي، منها عربية، الضغط على الفلسطينيين لقبول صفقة ترامب التصفوية، مضيفًا: "إن العنصر الحاسم في المعادلة هو الشعب الفلسطيني وموقفه -ولا تراجع فيه- الذي أعرب عن رفضه الصفقة جملةً وتفصيلًا".
وبين أن العديد من دول العالم مستاءة من صفقة ترامب، وبعضها أعلن عدم تأييده، مؤكدًا أن الشعوب العربية تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، بغض النظر عن موقف حكوماتها.
وأعرب عن أسفه لحضور سفراء الإمارات وعُمان والبحرين إعلان تفاصيل صفقة ترامب في البيت الأبيض الثلاثاء الماضي، داعيًا إياهم للتراجع عن مواقفهم.
ووصف حضور سفراء عرب إعلان صفقة ترامب التصفوية ومشاركتهم بـ"طعنة قوية" في ظهر الشعب الفلسطيني، الذي يناضل من أجل حريته وكرامة الأمة العربية جمعاء.
وتنسف صفقة ترامب حتى ما تعرف بـ"مبادرة السلام العربية" المقرة في 2002م، وتشترط إنهاء الاحتلال لأراضي ما تعرف بحدود 1967م، للتطبيع مع (إسرائيل).
وتأتي هذه التطورات مع تحذيرات مراقبين من تسارع "قطار التطبيع" بين بعض الدول الخليجية و(إسرائيل)، الذي دللت عليه شواهد عدة، منها زيارة مسؤولين في حكومة الاحتلال إلى عواصم تلك الدول.
وذكر الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية أن ترامب ونتنياهو اختارا هذا التوقيت تحديدًا، لأنهما يريدان أن يتساعدا، فنتنياهو يحتاج إليها لإنقاذ نفسه من محاكمات الفساد التي تنتظره، وحاول ترامب أن يشجع نتنياهو ورئيس أركان الاحتلال السابق بيني غانتس، لتشكيل حكومة وحدة لدعم نتنياهو.
وأضاف: "أيضًا هي محاولة من ترامب لضمان كسب الانتخابات القادمة، ومواجهة إجراءات العزل التي يعيشها في الكونغرس، هذا هو السبب الرئيس لهذا التوقيت".
وجدد البرغوثي تأكيد أن صفقة ترامب لن تمر مادام الشعب الفلسطيني يرفضها، ووحدة فلسطينية متماسكة ترفض شروطها المجحفة بحق الشعب الفلسطيني.
مطالبة صفقة ترامب بسحب سلاح المقاومة وصفها البرغوثي بالهراء، مؤكدًا أنه لا يجوز، وهو تجاوز للاتفاقات الدولية، داعيًا أمريكا لنزع سلاح الاحتلال الإسرائيلي، الذي يستخدمه في قتل وإرهاب أبناء الشعب الفلسطيني، وأن تنزع من الاحتلال السلاح النووي، لاسيما أن واشنطن تدعي أنها ضد انتشار الأسلحة النووية.
ورفضت الفصائل الفلسطينية صفقة ترامب، وقالت حركة المقاومة الإسلامية حماس، في بيان: "صفقة ترامب العدوانية تشكل خطرًا حقيقيًّا على الأمن القومي العربي، وعدوانًا على حقوق أمتنا التاريخية"، مضيفة: "إنها ترمي إلى تسمين المشروع الصهيوني، وستكون –لا شك- ضد المصلحة الوطنية لكل مكونات أمتنا العربية".
كما رفضت السلطة في رام الله صفقة ترامب، على لسان رئيسها محمود عباس الذي وصفها بـ"المؤامرة".
ويوصف عباس بأنه مهندس اتفاق أوسلو الموقع سنة 1993م، وكان ينص على إقامة دولة فلسطينية على ما يعرف بحدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967م، لكنه وصل إلى طريق مسدود، وخلال أكثر من عقدين على توقيعه استشرى الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وعزز الاحتلال سيطرته على مدينة القدس، ويواصل حصاره المشدد لقطاع غزة.