ما دمت تعرف أن صفقة القرن من صناعة مجلس المستوطنات الصهاينة، وليست من صناعة أمريكا، وأن الصفقة التي تعد خلف الكواليس تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وما دمت اكتشفت من خلال موقعك الوظيفي كل هذه الأسرار التي تفاخرت بها عبر فضائية الجزيرة، وأبديت الاستعداد لتقديم الوثائق على صحة كلامك، فلماذا لم تصرخ من حينه؟ كفى للمفاوضات العبثية، وكفى للعمل بالاتفاقيات الموقعة مع العدو، وهيا لوحدة وطنية تحرر الأوطان!
الشعب الفلسطيني والعربي يصدق كلامك يا دكتور صائب، ولكنه يحملك مسؤولية عدم تحذير شركائك في القيادة، ويحمل القيادة مسؤولية عدم اتخاذ الخطوات الاستباقية لمواجهة مؤامرة تحبك أمام عيونكم، وتعرفون تفاصيلها مسبقًا، فالرائد لا يكذب أهله يا دكتور صائب، وأنتم كقيادة لم تقوموا بأي فعل مضاد للصفقة، وحتى يومنا هذا، ولم تستمعوا لنا ونحن ندق لكم الأجراس عبر مقالاتنا المنشورة في عشرات الصحف والمواقع، ومنها مقالي المنشور بتاريخ 23/11/2017 تحت عنوان "من يطبخ صفقة القرن، ومن سيأكل؟"، وفي المقال نقدم للقيادة مضمون صفقة القرن، وتفاصيل تفكير المسؤولين عن إعداد الصفقة، ونحرضكم على العمل ضدها في حينه.
اقرأ مقالي المنشور تحت عنوان:
من يطبخ صفقة القرن، ومن سيأكل؟
(وضعنا الشروط التعجيزية التي تحول دون موافقة أي قائد فلسطيني على الدخول في مفاوضات) الجملة السابقة مختصر حديث تسيفي حاتوفلي نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي للقناة السابعة، وأضافت: لدينا مبادئ أساسية أبلغنا واشنطن بها، وقلنا بوضوح إنه لا يمكننا التنازل عنها، وهي:
1ـ رفض وجود أي سيادة على المنطقة الممتدة من البحر إلى النهر سوى السيادة الإسرائيلية.
2ـ رفض أي إخلاء لأي مستوطنة، ورفض اقتلاع أي مستوطن.
3ـ الإبقاء على القدس موحدة وعاصمة وحيدة وأبدية لدولة إسرائيل.
4ـ رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين حتى إلى المناطق الفلسطينية.
فهل سيأخذ القائمون على إعداد صفقة القرن بهذه الشروط الإسرائيلية، أم أن لهم فلسفة سياسية أمريكية خاصة بهم، بعيدة عن الرؤية الإسرائيلية للحل الدائم في المنطقة؟
تعالوا لنراجع أسماء الشخصيات السياسية الأمريكية الأربعة التي تشرف على مطبخ صفقة القرن، وتعد الطبخة وفق رؤيتهم السياسية، وهم:
1ـ اليهودي جارود كوشنير، صهر الرئيس الأمريكي، والمكلف بملف الشرق الأوسط، والمتهم حاليًا بالتدخل المباشر لإفشال قرار مجلس الأمن بإدانة الاستيطان في عهد الرئيس الأمريكي السابق أوباما، فإذا كان هذا الرجل وفيًا للمستوطنات قبل أن يتولى المسؤولية، وطارد أعداءها في مجلس الأمن، فكيف لو كلف بصياغة صفقة القرن، فهل سيطالب باقتلاع مستوطنة؟
2ـ اليهودي ديفيد فريدمان: سفير أمريكا في إسرائيل، وهو اليهودي المقرب من المستوطنين، والذي اشترى بيتًا في القدس، ومن أنصار نقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس، ولا يؤمن بتقسم المدينة، ولا يعترف بأي حقوق فلسطينية أو عربية عليها، فهل هذا الرجل على استعداد لأن يشارك في إعداد صفقة لا تحافظ على القدس موحدة تحت السيادة الإسرائيلية؟
3ـ اليهودي جيسي جرينبلات، المبعوث الأمريكي للسلام في الشرق الأوسط، وهو الشخص الذي وضع الشروط التسعة للسيد عباس لاستئناف المفاوضات، ومنها، الابتعاد عن الثنائية في المفاوضات، والبدء في الحل الإقليمي، وهو الذي طالب بقطع المساعدات عن الأسرى، وعدم تحويل الأموال إلى قطاع غزة، والانسحاب إلى حدود 67 غير وارد، هذا اليهودي الذي زار حائط البراق “المبكى” وبكى دمعتين تاريخيتين على أرض إسرائيل التي احتلها الغرباء آلاف السنين كما قال، فما نوع الطبخة التي سيقدمها مثل هذا المخلوق؟ وهل تسمح أفكاره المتطرفة بأن يعطي أي سيادة لأي عربي على أي جزء من فلسطين الممتدة من النهر إلى البحر؟
4ـ القبطية ديانا باول، من أصول مصرية، ولن تستطيع التغريد السياسي خارج إطار سرب اليهود إلا بموسيقى التعويض للاجئين الفلسطينيين، مع عدم اقترابهم من سياج إسرائيل.
عقلية كل من سبق من يهود لا تبتعد كثيرًا في مواقفها الفكرية والسياسية عن اشتراطات نائبة وزير الخارجية الإسرائيلية تسفي حوتفلي، وهذا الذي يجعلنا نطرح سؤالًا مشروعًا على الرئيس محمود عباس: إذا كانت تسفي حوتفلي تتحدى أن تجد فلسطينيًا واحدًا يوافق على الشروط الإسرائيلية، والتي يتبناها الرئيس الأمريكي، فعلى أي أساس توافق يا سيد عباس على صفقة سلام تاريخية لحل القضية الفلسطينية تحت رعاية الرئيس ترامب؟
فأي سلام هذا الذي فاحت رائحته الاستيطانية والعدوانية في كل أرجاء المعمورة؟
انتهى المقال الذي نشرته قبل عدة سنوات، والذي يؤكد معرفة الدكتور صائب عريقات والقادة بتفاصيل صفقة القرن قبل الإعلان عنها، فلماذا لم يفعلوا شيئًا على الأرض ضد الصفقة من ذاك التاريخ حتى يومنا هذا؟ لماذا؟