"إنه حدث بحجم حرب الأيام الستة (نكسة 67)، بالنظر إلى ما سيعقب إعلانها من تغيير في «الحدود»، في حين أن مشروع الدولة الفلسطينية بات في حكم الميت".
هكذا وصفت أوساط يمينية إسرائيلية خلال اليومين الماضيين، صفقة القرن، توصيف يكشف أن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة فارقة في مسيرتها، ومحطة جديدة من الصراع مع الكيان، بعد إعلان الإدارة الأمريكية صفقة القرن.
خطورة الصفقة التي تم إخراجها أمس، يكمن في أنها تحولت إلى برنامج عمل مشترك بين ترامب ونتنياهو، تتضمن سلسلة إجراءات متتالية تهدف عملياً إلى اجتثاث القضية الفلسطينية، وإعطاء المحتلّ الإسرائيلي كلّ ما يريده. مقابل أثمان شكلية ومؤجلة لارتباطها بمواعيد تنفيذ لاحقة بشروط تعجيزية.
لقد بات واضحًا أن الهندسة الأمريكية للصفقة، تعتمد على الرفض الفلسطيني بمختلف توجهاته، لأن الرشوة المقسطة من ترامب على أربع سنوات، لإقامة دولة فلسطينية بلا جيش أو سيادة، على مساحة 70% من الضفة الغربية، يمكن أن تكون عاصمتها بلدة “شعفاط” شمال شرقي القدس، غير قابلة للتحقيق حتى بهذه الصيغة الغامضة، وبالتالي سيتم الانتقال عبر اللجنة المشتركة (الإسرائيلية- الأمريكية) لتطبيق خطة الضم أحادية الجانب لغور الأردن وكلّ المستوطنات في الضفة الغربية.
إن أسوأ ما قد تلجأ اليه السلطة الفلسطينية، والدول العربية المرتبطة بالملف الفلسطيني (الأردن- مصر- السعودية) الاكتفاء بتقاذف المواقف من الصفقة، حيث تعلن السلطة انها تدرس الخطوات للرد على الصفقة، بناء على المشاورات مع الدول العربية، بينما تهرب هذه الدول عبر تبني القرار الفلسطيني فقط، ما يعني انحصار الموقف العربي في الرفض الخجول، أو الصمت.
في هذه الـثناء سيكون التحدي الأصعب من نصيب المقاومة، وتحديدا عند الشروع في خطوات الضم في الضفة، باعتباره الشق العملي من الصفقة، ما سيشكل اختبارا لقدرة المقاومة تحويل هذا التحدي المفصلي، إلى فرصة، يمكن ان تغير خارطة المواجهة مع الاحتلال، وتضيف لها ساحات اشتباك جديدة في الضفة والقدس، وتحشيد الدعم والاسناد من فلسطيني الخارج.
وبينما تتحسب (إسرائيل) من التصعيد في الضفة وغزة، فأنها تراهن على دور السلطة في ضمان منع التداعيات الشعبية والأمنية، التي يمكن أن تشكل عامل ضغط جدي على الاحتلال، وخاصة أنه بات واضحاً، أنه لا يوجد ما يردع "إسرائيل" سوى حسابات من نوع الخوف من انتفاضة شعبية واسعة ومتواصلة.