جاء قرار وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينيت، الأربعاء الماضي، إعلان سبعة مواقع في الضفة الغربية المحتلة أنها "محميات طبيعية" جديدة، وتوسيع (12) "محمية طبيعية" أخرى في الضفة، كجزء من الضم الفعلي، وحسم ملف الأراضي قبل ما تعرف بـ"مفاوضات الحل النهائي".
الجديد في قرار بينيت هو السيطرة على مناطق سياحية في شمال البحر الميت في المنطقة الواقعة ضمن حدود محافظة أريحا وحدود عام 1967م، بمعنى أن الاحتلال سيضيف هذه المناطق للاستثمار السياحي، وسيمنع سكانها الفلسطينيين من دخولها وإذا سمح لهم سيتم بتصريح رسمي، وهذا يعني إدخال البعد الاقتصادي ضمن مكونات المشروع الاستيطاني، وذلك بحسب المختص في الشأن الإسرائيلي عادل شديد.
إحكام السيطرة
وأوضح شديد لصحيفة "فلسطين"، أن سلطات الاحتلال لم تعد تبني الاستيطان على الفهم الأيديولوجي والأمني، بل أدخلت البعد الاقتصادي للاستثمار بهذه المناطق، وحرمت الفلسطينيين من الوصول إليها لإحكام السيطرة، مشيرا إلى أن هذه المحميات تقع في مناطق أريحا والأغوار ومدينة طوباس.
الخطورة في القرار، وفق شديد، أنه جزء من مراحل الضم الفعلي للأراضي الفلسطينية، وهو مخالف للقانون الدولي الذي يمنع أي جهة وأي مؤسسة من مؤسسات دولة الاحتلال من إصدار أي قرار يخص المناطق المحتلة باستثناء القائد العسكري، وألا يتعارض قرار القائد – إذا اتخذه - مع مسألتين؛ نقل السكان أو إحداث تغيير على شكل الأرض، وبينت جزء من الحكومة والمستوى السياسي الإسرائيلي يمنع عليه وفق القانون الدولي إصدار هكذا قرار.
وحول تأثير القرار على الفلسطينيين، أشار إلى أنه منذ ثلاث أو أربع سنوات اختلفت المكانة القانونية والرؤية الإسرائيلية للضفة الغربية، فلم تعد الضفة بالمفهوم الإسرائيلي منطقة محتلة وأن مستقبلها يخضع للمفاوضات.
ولفت إلى أن الاحتلال يتصرف بالضفة وكأنها منطقة تخضع للقانون الإسرائيلي يسكن فيها مجموعتان من الناس "فلسطينية وإسرائيلية" فلم يعد وجود (700) ألف مستوطن في الضفة أقلية أمام نحو ثلاثة ملايين فلسطيني.
وقال: "الاحتلال يتصرف وكأنه يسيطر على الضفة الغربية، خاصة بعد تصريح وزير الخارجية الأمريكية بأن المستوطنات لا تتناقض مع القانون الدولي".
ولفت شديد إلى أن مصطلح "المحميات الطبيعية" موجود منذ عام 1967 بالمناطق الشرقية للضفة بين الخليل وبيت لحم، ويخضع الكثير منها لسيطرة السلطة الفلسطينية حسب اتفاق "أوسلو"، مع وجود ما تسمى الإدارة المدنية كمرجعية للسيطرة، لكن قرار بينت الجديد يدخلها ضمن القانون الإسرائيلي.
وبين أن وجود "المحميات الطبيعية" تحت إشراف الإدارة المدنية لجيش الاحتلال يعني قانونيًّا أنها منطقة تحت احتلال، في حين أن ينقل قرار بينيت السيطرة للحكومة الإسرائيلية، أي إسقاط موضوع الأرض من مفاوضات "الحل النهائي".
واستبعد شديد أن تمتلك السلطة أدوات ووسائل للجم المشروع الإسرائيلي، مرجحًا أن تطبيق المشروع سيؤدي لتفكك السلطة "فهي لن تكون قادرة على التحرك بين محافظات الضفة، وستكون أمام خيارين إما المواجهة والصدام المفتوح، أو القبول بالكانتونات".
تسويق انتخابي
من جانبه يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي فرحان علقم أن الاحتلال يعمل على مصادرة الأراضي الفلسطينية بطرق مختلفة إما بتحويلها إلى محميات طبيعية أو لمناطق عسكرية ومن ثم تتحول إلى بؤرة استيطانية لتمرير ذلك على القانون الدولي، في محاولة لذر الرماد بعيون المجتمع الدولي.
ورأى علقم في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن بينيت يسعى لتسويق نفسه انتخابيًّا بترجمة أقواله لأفعال، ليضمن لنفسه موقعًا متصدرًا في الانتخابات الإسرائيلية القادمة بعدما أخفق في اجتياز نسبة الحسم في الانتخابات الأولى.
وبين أن القرار يمهد لعملية الضم لأراضي بمنطقة (ج) التي تشكل (63%) من مساحة الضفة الغربية، خاصة أن الاحتلال يمنع الفلسطينيين من البناء في هذه المناطق، ويمنع إقامة شبكات طرق وبنى تحتية تمهيدا لتفريغها من سكانها، مشيرا إلى أن عام 2019 شهد اعتداءات كبيرة من الاحتلال الإسرائيلي وهدم منازل في المنطقة خاصة جنوب البحر الميت وقرى مسافر "يطا" بالخليل.