كُلنا يتمنى أن تدق السعادة بابه، أو أن يلتحق بركبها ويعيشُ تفاصيلها في أحضان الواقع ، شارباً كأس ودِّها ، متأملاً بريق عَينيها .
فالسعادة نقطة يتمنى أن يصلها الكبير والصغير رجلاً كان أم سيدة ، فهي مغنم عظيم في ظل أجواء وبيئات غاية في التعقيد ، كلُ ذلك حقائق يعيشها المواطن العربي عامة والغزي تحديداً ، لكن التساؤل الأهم كيف السبيل إلى السعادة، وهل السعادة غاية ترتجى أم وسيلة تمتطى؟ أو بطريقة أخرى هل السعادة نهاية أم بداية؟
دعني عزيزي القارئ أســـــــــــأل: ما السعادة وأجيبك دون انتظار، السعادة أن تعيش كل يوم بأمل ، وبعمل ، أن تمضي دون الالتفات للوراء إلّا لذكريات سعيدة ، أو لحظات بهيجة ، متوجةٌ بلهجاتِ شكرٍ وثناء لرب الأرض والسماء .
السعادةُ شعور داخلي وحالة يومية وأداة عيش ترافقك تفاصيل يومك ، السعادة قلم مداده نور وحروفه أنت ، يعكس صورتك ويرسم ظلك.
السعادةُ ليست هدفاً تمضي عمرك باحثاً عنه، السعادة وجدها أبو بكر الصديق في صحبة الأمين محمد حين سقاه الماء، وقال: شرب النبي محمد حتى ارتويت ، السعادة وجدتها أُمنا خديجة حينما احتضنت حبيبها محمد "صلى الله عليه وسلم" حين جاءها خائفاً فاقداً للأمان لحظة نزول الأمين جبريل ، السعادة فهمها الأنصاري الجليل عمير بن الحمام في رمي بضع تمرات والاقبال على جنات عرضها السموات والأرض .
السعادة أن تبتسم دون خوف لتحرر طفلاً داخلك ، السعادة أن ترى نفسك ولا تعيش لذاتك ، السعادة منهج وطموح ، رغبة وعمل ، شعور وكلمات ، حروف ورسومات ، أن تسمع فلا تبالي ، وتبتسم لتسعد قلباً بين ضلوعك ، وعيناً أنت ناظرها في مرآة صدرك ، السعادة أن تحلق بي في السماء حين أسألك عن الالام والعذابات ، أن تكلمني عن الغد حين تجرك تلابيب الأيام للوراء ، أن ترى النجوم حين تبدو لهم الغيوم .
السعادة ليست كلمات تُكتب ولا حروف تُنقش ، ولا لحظة هروبٍ من واقع ، لكنها أيضاً ليست سقوطاً في قيعان الماضي ، ولا ضجيج فزاعة خوف من غدٍ قادم ، السعادة إقبال وإدبار ، السعادة حالة رضا وإقبال نحو حبيب أو محب ، وإدبار عن بقايا خوفٍ ووجل أو فزعٍ وملل .
السعادة أن تتخلص من رواسب ألم لتخط معالم أمل، السعادة أن تفهم كيف تعيش ما تبقى من أيام ولحظات عمر قادمة ، السعادة ليست هدفاً يُشد إليه الرحيل ، ابحث عنها بين ضلوعك أو أمام عينيك في صحبة ماجد أو رفيق ، في ابتسامة طفل أو صديق ، السعادة إكسير حياة ، ونكهة عيش ، وسلوك بصحبة حبيب .