كثيرة تلك الأحاديث التي تطالب محمود عباس بحل السلطة، كرد مباشر على مواصلة دولة العدو للاستيطان، ولفشل خيار المفوضات، وتلاشي الرعاية الأميركية، وانتهاء عهد الديمقراطيين في البيت الأبيض.
السؤال الذي يطرح نفسه على صاحب القرار هو: ماذا بعد حلّ السلطة؟! أي ماذا تعمل فتح والفصائل والشعب في اليوم التالي لحل السلطة؟! لا توجد إجابة واضحة ومحددة، بل يمكن القول بأن فتح مقيدة بالسلطة، والسلطة هي ثوب فتح اللصيق، ولا يكاد طرف منهما يستغني عن الآخر، حتى وإن احتجت مركزية فتح على التنسيق الأمني وطالبت بوقفه.
في (إسرائيل) يعلمون هذه الوضعية التلازمية، لا سيما أنهم كانوا شركاء في صناعتها، في أوسلو وبعد أوسلو، وهم يعلمون أن تهديدات السلطة بحل نفسها أو بوقف التنسيق الأمني هو من باب الدعاية وقرع الأجراس عالية الأصوات فحسب، فلا يكاد يوجد فكاك للسلطة من أوسلو في عهد محمود عباس.
ومع ذلك فإن سلطات الاحتلال تدرس، كما تقول الحياة اللندنية، الخيارات الممكنة فيما لو حدث خطأ في التوقعات وأقامت السلطة على حلّ نفسها، ومن بين هذه السيناريوهات إيجاد طرق بديلة للتعامل المباشر بين الإدارة المدنية وإسكان في الضفة، على نحو ما هو جار في غزة، إذ لا تحبذ سلطات العدو إعادة احتلال الضفة الغربية، وتحمل أعباء السكان المدنية، لأن هذا أمر مكلف، و(إسرائيل) في غنى عنه كما يقول الباحثون في هذا المجال.
ولهذا الغرض أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلية يوم الخميس 9 فبراير (شباط) 2017 تأسيس موقع إلكتروني للتعامل المباشر مع الجمهور الفلسطيني، الأمر الذي اعتبره مراقبون استعداداً لسيناريوات عديدة محتملة، من بينها غياب السلطة الفلسطينية عن المشهد في ضوء التطورات السياسية الأخيرة.
ويتضمن الموقع تعليمات لسبل تقديم الفلسطينيين طلبات مباشرة للإدارة المدنية الإسرائيلية للاستيراد والتصدير أو الحصول على تصاريح دخول إلى (إسرائيل) لأغراض التجارة أو العمل أو العلاج وغيرها. كما يتضمن الشروط التفصيلية لدخول التجار أسواقاً معينة أو إدخال سلع معينة إلى قطاع غزة، مثل محركات السيارات والأدوية وغيرها، وتعليمات لسكان قطاع غزة المقيمين في الضفة أو الخارج في شأن سبل تقديم طلبات للحصول على تصريح وغيرها، إضافة إلى تعليمات للجمهور في شأن سبل الاتصال بالجانب الإسرائيلي من خلال الموقع الإلكتروني للدخول إلى الأراضي الزراعية الواقعة خلف الجدار.
ويقدم الموقع آخر أخبار الإدارة المدنية الإسرائيلية وإجراءاتها في الأراضي الفلسطينية، مثل منع المواطنين من جمع الحطب بحجة حماية البيئة، ومشاريع تطوير المعابر والجسور التي تربط البلاد مع الخارج، وأخبار توسيع مخططات هيكلية لقرى في الضفة، والاتفاقات الموقعة مع الجانب الفلسطيني في مجال الكهرباء والمياه وغيرها.
وجاء في تعريف الإدارة المدنية على الموقع أنها تضم 22 مفوضية للوزارات الحكومية، بالإضافة إلى ثماني مديريات تنسيق وارتباط موزعة في جميع أنحاء الضفة ".
ونشر الموقع أسماء هذه المديريات بالأسماء العبرية على النحو التالي: حبرون (الخليل)، بيت لحم، التفافي أورشليم (ضواحي القدس)، أريحا، رام الله، شكيم (نابلس)، إفرايم (طولكرم) وجنين.
وجاء في الموقع: «تعمل هذه المديريات على دعم التطوير الإقليمي بهدف تلبية احتياجات السكان اليومية. في هذا الإطار، يجري ضباط الإدارة اتصالات يومية ودائمة مع الفلسطينيين سكان «يهودا والسامرة»، مع مندوبي البلدات الإسرائيلية ومع المنظمات الدولية، أجهزة الأمن الفلسطينيّة ونظرائهم في السلطة الفلسطينية.