استكمالًا لما كتبته هذه السطور يوم أمس، فإن حماس تعتبر أن حملات الاعتقالات التي تشنّها إسرائيل والسلطة الفلسطينية ضدّ الحركة في الضفة تؤكّد عقليّة الإقصاء التي تحكم تصرّفاتها، وهي استمرار لوهمها أنّ بإمكانها اجتثاث وجود حماس، مما يتطلب إطلاق الحريّات العامة في الضفّة لتهيئة الأجواء لانتخابات حرّة ونزيهة.
لعلّ ما يؤكّد ارتباط الاعتقالات الفلسطينية والإسرائيلية بالضغط على حماس لعدم خوضها الانتخابات، صدور أحكام عسكريّة إسرائيليّة بتحويل عدد من قادتها المعتقلين للاعتقال الإداريّ لمدد تتراوح بين 4-6 أشهر، مما يعني غيابهم عن الضفّة في حال بدأت العمليّة الانتخابيّة، وقد يهدّد فرص حماس بالفوز.
يمكن العودة إلى جملة أسباب تقف خلف الاعتقالات الجارية ضدّ حماس بالضفّة، أوّلها تزامنها مع انطلاقة حماس بتاريخ 14 ديسمبر من كل عام، ورغبة السلطة وإسرائيل عرقلة ترتيباتها لإحياء هذه المناسبة، وكان متوقعا أن تحيي حماس بهذا التاريخ ذكرى انطلاقتها الثانية والثلاثين، مما قد يكون أثار خشية السلطة وإسرائيل من تنظيم الحركة فعاليّات احتفاليّة بهذه المناسبة بالضفة، كما حصل بغزّة من احتفالات ومهرجانات.
ثاني هذه الأسباب التي دفعت لشن الحملة الأمنية على حماس في الضفة، وجود مخاوف لدى السلطة وإسرائيل بأن تكون لحماس تحضيرات لشنّ هجمات مسلّحة ضدّ الجيش الإسرائيليّ والمستوطنين، رغم الهدوء الأمنيّ في الضفّة، مما يؤكد أن التنسيق الأمنيّ بين رام الله وتلّ أبيب مستمرّ، لأنّ السلطة باتت تحتاج إليه أكثر من إسرائيل.
تستبعد أوساط حماس بالضفة أن تتسبّب هذه الاعتقالات من إسرائيل والسلطة بإحجامها عن المشاركة في الانتخابات المقبلة، بل ستشارك فيها، على أمل أن تخرج منتصرة منها، في ظلّ التشظّي الداخليّ الذي تعيشه حركة فتح.
اللاّفت أن تتوسّع حملة الاعتقالات لكوادر حماس، رغم الهدوء الأمنيّ السائد في الضفّة، التي شهدت آخر هجوم فلسطيني مسلح في آب/أغسطس بقتل جنديّ إسرائيليّ بمستوطنة غوش عتصيون، فيما أعلن الأمن الإسرائيلي إحباط أكثر من 300 هجوم منذ بداية عام 2019، تمّ توجيهها بأوامر من حماس في غزّة، لكنّ هذا الهدوء لا يمنح إسرائيل طمأنينة كاملة، مما يجعلها تشنّ هذه الاعتقالات، خشية أن تكون حماس تتحضّر لتنفيذ سلسلة عمليّات مسلحة.
في الوقت ذاته، فإنّ النظر بشخصيّات المعتقلين يشير لوجود أهداف سياسيّة بحتة من اعتقالهم تتعلّق بالانتخابات، وحرمان حماس من وجوه قياديّة تقود حملتها الانتخابيّة المقبلة.
يتوافق الفلسطينيون أن هذه الحملة الأمنية التي تستهدف حماس بالضفة، من اعتقالات واستدعاءات وملاحقات، من شأنها تعكير أجوائها عشيّة الدعوة للانتخابات، وزيادة التوتّر الأمنيّ، كما أنّ تزامن الاعتقالات الإسرائيليّة مع الفلسطينيّة سيظهر أنّ هناك تنسيقًا بينهما لملاحقة الحركة.