هل توجد عملية سلام في الشرق الأوسط؟! يجيب نيكولاي ملادينوف منسق الأمم المتحدة للسلام في المنطقة قائلًا: "إنه ومنذ عام 2015م لا توجد عملية سلام، وأشعر أن عملنا حاليًّا يركز على منع الحرب في غزة". ويقول: "في النهاية لديك مليونا شخص في غزة، وثلاثة ملايين شخص في الضفة الغربية، وهم لن يذهبوا إلى أي مكان... أخشى كل يوم أننا على بعد أيام فقط من حرب أخرى على غزة. أنا خائف جدًّا".
لم يجانب ملادينوف الصواب في تقييم الأوضاع القائمة بحسب نص هذا الاقتباس من كلامه كما صرح به إلى الجزيرة باللغة الإنجليزية. الأوضاع مخيفة حقًّا، وتوقع حرب جديدة في غزة يشعر به المواطن العادي، فكيف بشعور رجل يملك معلومات كثيرة ودقيقة لا يملكها المواطنون.
وحين يقول: "أنا خائف"، نقول له إن جلّ الشعب الفلسطيني خائف لأنه يعيش حياته تحت التهديد، وتحت الاحتلال، وغزة المحاصرة والمنهكة اقتصاديًّا وماليًّا لا تبحث عن الحرب، ولا تريدها، ولكنها تبحث عن الحياة الكريمة وعن الحقوق الوطنية الثابتة، لذلك هي ستدافع عن نفسها بقوة واقتدار إذا ما فرض العدو عليها حربًا جديدة تحت ظل مبررات كاذبة. وصدق ملادينوف أن خمسة ملايين في غزة والضفة لن يذهبوا لأي مكان آخر. نعم لن يذهبوا إلا إلى وطنهم الذي هجروا منه قسرًا.
غزة خاضت حروبًا ثلاثًا متتابعة مع جيش العدو، وخرجت منها بفضل الله أقوى من ذي قبل، وهي الآن أكثر تجربة وحصافة في إدارة حرب أخرى إذا ما فرضت عليها، وغزة التي تبحث عن تهدئة مؤقتة، بحكم الواقع، والظرف، وحاجة الموطن، تدرك تمامًا أن المقاومة ستبقى الخيار الفلسطيني إلى أن يزول الاحتلال عن الضفة وغزة والقدس. لا سلام بدون عودة الضفة وغزة والقدس إلى أهلها. ولا سلام مع الاستيطان والتهويد.
إن دولة الاحتلال والعدوان لا تريد دفع الثمن في المفاوضات، لذلك لا توجد مفاوضات منذ التاريخ الذي ذكره ملادينوف، والمجتمع الإسرائيلي يتجه نحو اليمين المتطرف، واليمين الديني، ويقطع الطريق على عودة الضفة والقدس للفلسطينيين، وبرامج الأحزاب كلها بما فيها أزرق وأبيض، تنادي في برامجها الانتخابية الحالية إلى ضم الأغوار ومنطقة C، ومنع قيام دولة فلسطينية، ومن ثم يمكن القول بأن هذه البرامج الانتخابية تدمر عملية التفاوض، وتنهي اتفاقية أوسلو، وتضع الفلسطينيين جميعا أمام خيار واحد، هو خيار المقاومة والمدافعة، والعمل الوطني المشترك، وهذه البرامج والتوجهات، والأفعال الميدانية الصهيونية هي سبب خوف ملادينوف الشديد من الأيام القادمة.
لا حل أمامنا نحن الفلسطينيين غير تجاوز حالة الخوف، والصبر، وممارسة حقنا في الدفاع والمقاومة، وعندها فقط سيدفع الاحتلال الثمن الذي يرفض أن يدفعه في المفاوضات.