كشفت مصادر إعلامية عبرية النقاب عن تراجع الاحتلال عن تهديده، بقطع العلاقة مع مبعوث الاتحاد الأوروبي لعملية السلام، فرناندو جنتليني، الذي تم تمديد فترة مهمته قبل عدة أيام، أمام الاصرار الأوروبي على رفض مطالبها.
ونقلت صحيفة "هآرتس" العبرية على موقعها، عن مسؤولين وصفتهم بـ "الكبار" في وزارة الخارجية الاسرائيلية ودبلوماسيين أوروبيين، أن سبب هذا التهديد هو اجراء تغيير طفيف في كتاب التعيين، والذي شمل التذكير بقرار مجلس الأمن الدولي 2334 الذي صدر في أواخر كانون الثاني/يناير 2016، ويشجب المستوطنات الإسرائيلية، ورفضته (إسرائيل) في حينه، وردت عليه بفرض عقووبات دبلوماسية ضد بعض الدول التي صوتت ضده وضد الامم المتحدة.
ويحسب الصحيفة، جاء في نص كتاب التعيين، أن "تفويض المبعوث الخاص لعملية السلام هو الاسهام في النشاطات التي ستدفع الاتفاق الدائم بين (اسرائيل) والفلسطينيين على أساس حل الدولتين، بما يتفق مع المبادئ التي حددها الاتحاد الأوروبي وقرارات مجلس الأمن بما في ذلك القرار 2334".
كما يتضمن كتاب التعيين بندا يتعلق بمبادرة السلام الفرنسية التي رفضت (اسرائيل ) التعاون معها.
وجاء فيه ان "المبعوث الخاص سيعمل من أجل دفع أطر جديدة للمفاوضات، خاصة من خلال دفع الأهداف التي عرضت في البيان المشترك الذي تبناه المشاركون في مؤتمر باريس في كانون الثاني/يناير 2017".
ونقلت الصحيفة عن المسؤولين في وزارة الخارجية ودبلوماسيين اوروبيين، أن (اسرائيل) غضبت على هذا التغيير، خاصة التذكير بقرار مجلس الأمن 2334، وقالوا إن سفير (اسرائيل) لدى مؤسسات الاتحاد الاوروبي في بروكسل، روني لشنو - ياعر، والنائب السياسي للمدير العام لوزارة الخارجية، الون اوشفيتس، توجها إلى مسؤولين في الاتحاد الاوروبي وهددا بأنه إذا شمل كتاب التعيين هذه التغييرات فإن (اسرائيل) ستتوقف عن الاتصال والتعاون معه.
وأضافت الصحيفة أن وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فدريكا موغريني، قامت بإطلاع ممثلي الدول الأعضاء في مؤسسات الاتحاد الاوروبي في بروكسل، على التهديدات الإسرائيلية وتشاوروا معهم بشأن الحل الممكن للأزمة، لكن بعض الدول البارزة في الاتحاد وعلى رأسها فرنسا رفضت الادعاءات الاسرائيلية نهائيا وأوضحت بأنه اذا استسلمت موغريني للضغط الاسرائيلي وأزالت التعديلات فإنهم سيصوتون ضد التعيين.
وأوضحت موغريني (لإسرائيل) بأن الدول الاوروبية لن توافق على الغاء التذكير بقرار مجلس الأمن من كتاب التعيين، وقالوا إنه يمكن (لإسرائيل) الرد كما تشاء، لكنهم أضافوا تهديدا غير مباشر يلمح إلى أنه اذا قاطعت( اسرائيل) مبعوث الاتحاد الأوروبي لعملية السلام، فرناندو جنتليني، فان هذا سيصعب اقناع الدول الاوروبية بتحديد موعد جديد للقاء القمة مع (إسرائيل) الذي كان مخططا لأواخر شباط/فبراير الماضي، وتم تأجيله بسبب تمرير قانون مصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة في برلمان الاحتلال الـ "كنيست".
وأشارت الصحيفة إلى أنه في أعقاب التهديد الأوروبي، قامت وزارة الخارجية الاسرائيلية بإعادة التفكير وفهمت بأن الضرر سيكون أكبر من الفائدة، فقررت التخلي عن مطلبها والتراجع عن تهديداتها بمقاطعة جنتليني.
ووصف مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الحل الذي خرجت منه (اسرائيل) من هذا الأمر بـ"الأكذوبة الإسرائيلية".
وقال الناطق بلسان الخارجية الاسرائيلية، عمانوئيل نحشون، معقبا ان (اسرائيل) تشعر بخيبة الأمل إزاء شروط التعيين الجديد لمبعوث الاتحاد الاوروبي للعملية السلمية.
وأضاف "(اسرائيل) تتأسف لأن كتاب التعيين يذكر القرار 2334 ونتائج مؤتمر باريس. هذه كلها تخلق عقبات امام استئناف المفاوضات المباشرة بين الأطراف.
وزعم أن المواقف المفروضة قسرا من الخارج والقرارات الأحادية الجانب، تمس بالسلام وتبعد الفلسطينيين عن طاولة المفاوضات.
وأضاف، إن ( اسرائيل) ستعمل مع المبعوث الاوروبي فقط وفقا لما يشبه في كتاب التعيين الجديد ما ورد في كتاب التعيين القديم، والذي يمكنه دفع السلام، ولن نتعاون مع اجراءات تتعارض مع هذا الهدف.
وشهدت العلاقات بين الحكومة الإسرائيلية والاتحاد الأوروبي توتراً في السنوات الأخيرة، خاصة مع استمرار البناء في مستوطنات الضفة الغربية، ما قبل الجمود السياسي بين الجانبين، وهو ما دفع الاتحاد الأوروبي الى اتخاذ قرر تعليق اتصالاته مع المؤسسات الإسرائيلية التي تعمل في الضفة الغربية..
يشار إلى أن الاتحاد الاوروبي كان قد قرر تحديد منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الأسواق الأوروبية.
وتبنى مجلس الأمن الدولي، في 23 كانون أول/ ديسمبر الماضي، مشروع قرار بوقف الاستيطان وإدانته، بعد إعادة تقديمه من قبل أربع دول (نيوزيلندا، ماليزيا، السنغال، وفنزويلا) عقب سحبه نهائيًا من قبل مصر التي كان من المفترض أن تقدمه.
وصوتت لصالح القرار 14 دولة (من أصل 15 دولة هم أعضاء مجلس الأمن)، بينما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت دون أن تستخدم حق النقض "الفيتو".
واعتبرت الدول التي قدمت مشروع القرار أن المستوطنات غير شرعية، وتهدد حل الدولتين وعملية السلام، وأن مشروع القرار "جاء لحماية مصالح الشعب الفلسطيني".
ولاقى التصويت على القرار ترحيبًا على نطاق واسع؛ لاسيما السلطة الفلسطينية التي اعتبرته "صفعة للسياسة الإسرائيلية"، فيما وصفته "إسرائيل" على لسان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بـ "المخزي والمشين" وقال إنه "لن يخضع له".