لا تغفل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية عن كل صغيرة أو كبيرة في بلاد العرب والمسلمين، ومن المؤكد أن لديهم أرشيفا أمنيا لكل شخصية سياسية أو عسكرية أو حتى ثقافية أو دينية أو اقتصادية في بلاد العرب والمسلمين عامة، وفي أوساط الفلسطينيين خاصة، وقد دللت التجارب أن لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بنك أهداف يؤثر في مجريات الحياة في بلاد العرب، فهل لدى العرب بنك أهداف إسرائيلي؟
لقد اغتالت العصابات اليهودية في فلسطين المبعوث الدولي الكونت برنادوت لأنه طالب بالحد من هجرة اليهود، وقد اتهم الصهاينة بمقتل الزعيم النمساوي هايدر لمواقفه المعادية للسامية كما يقولون، وصفّت الأذرع الإسرائيلية شخصيات فلسطينية وعربية عسكرية وسياسية مثل: رئيس الأركان المصري عبد المنعم رياض، وقد اغتيل زعيم حزب الله عباس الموسوي في لبنان، وعماد مغنية في سوريا، وقد اغتيل القائد خليل الوزير أبو جهاد في تونس، والشيخ أحمد ياسين، وأبو علي مصطفى في فلسطين، وقد اغتيل فتحي الشقاقي في قبرص، ومحاولة اغتيال خالد مشعل في الأردن، واغتيل محمد الزواري في تونس، وبالسلاح نفسه اغتالت أمريكا قاسم سليماني في بغداد، وقد تطول قائمة المستهدفين لتصل يد الأذرع الأمنية الإسرائيلية إلى المفاعل النووي في العراق، وتدمير منشأة نووية في شمال سوريا، والتآمر على اقتصاد دول عربية بشكل منهجي، بما في ذلك التجسس على القمة العربية في المغرب، وزرع الجواسيس في صفوف القيادات العليا للمستوى السياسي والعسكري لدى بلاد العرب، أمثال إيلي كوهين، ومواصلة التآمر على شخصيات سياسية أو عسكرية أو علمية أو إعلامية تشكل خطراً على الأطماع الصهيونية.
فهل يوجد لدى الدول العربية والإسلامية بنك أهداف إسرائيلي؟ وهل يوجد لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية في غزة والضفة الغربية بنك أهداف إسرائيلي؟ وهل للعرب والفلسطينيين قدرة على الرد على الاعتداءات الإسرائيلية بالقدر نفسه، ليصير الاعتداء على مسؤول إسرائيلي كلما اعتدى الإسرائيليون على مسؤول فلسطيني أو عربي؟ ويصير الرد بالاعتداء على منشأة اقتصادية أو أمنية إسرائيلية كلما اعتدت (إسرائيل) على منشأة عسكرية أو اقتصادية فلسطينية أو عربية؟
هنالك منهاجان في بلاد العرب ولدى الفلسطينيين، المنهاج الأول يقول: ما لنا حيلة، ولا قدرة لنا، ولا طاقة لنا على مواجهة هذا الإرهاب المنظم، ولا إمكانية لنا، واليد التي لا تقدر عليها بوسها!
أما المنهاج الثاني، فيقول: قد لا تكون لنا القدرة نفسها، والإمكانات والأذرع الممتدة نفسها، ولكننا لن نركع، سنعمل على تطوير قدراتنا، وسنطور بنك أهداف اقتصادي وعسكري وأمني وشخصي للإسرائيليين، نلجأ إليه عند الحاجة، وهذا هو المطلوب في هذه المرحلة التي تستوجب الندية، ودون وصول الفلسطينيين والعرب والمسلمين إلى هذه الدرجة من الندية، فكل اتفاقية سلام مع الإسرائيليين هي قبول الضعيف بشروط القوي، والخضوع لسياسة الأمر الواقع، والتسليم بالتفوق الإسرائيلي، والقبول بإملاءاته.
لقد وقّعت (إسرائيل) اتفاقيات سلام مع مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، ومع ذلك، فإنها تمتلك بنك أهداف دقيقا لكل صغيرة وكبيرة في هذه الدول، والأجهزة الأمنية الإسرائيلية على أهبة الاستعداد لكل مفاجأة، فهل تمتلك مصر والأردن والسلطة الفلسطينية بنك أهداف إسرائيليا تحسباً لتطورات دراماتيكية؟ وهل غدت حركات المقاومة الفلسطينية تمتلك بنك أهداف؟ نتمنى ذلك.