فلسطين أون لاين

عامٌ جديدٌ

لم يكن يوماً تَعاقب الليل والنهار، والأيام والفصول والأزمنة والمواقيت والأعوام، لِنحظى بعامٍ جديد ورقم إضافي بلا معنى أو قيمة في تفاصيل حياتنا، بل جعلها الله محطات ونقاط انتظار واعتبار، وفرص توقف وتزود بالوقود لروحٍ وجسد، فالتزود ضرورة حياتية، ولا أتكلم عن مأكل أو مشرب، ولا أقصد جسداً أو بدناً ـ ولكني أخاطب روحاً وأتحدث إلى عقل أنهكتهما الطريق وصعوبة المسير، أخاطب شباباً أوجعتها السنين وكبلت خطاها الأيام، وكبرت فيها عشرات السنين، وابيض فيها الشعر والشعور، عام اتكأ على أكتفاها فحملته قبل أن يحملها، فانحنى ظهره على محطات الانتظار.

أعلم أحبتي أن السنين قد قَست علينا، بضيق حالٍ وفقد عزيز وغالٍ، لكن لحظات الأمل والانتظار ما زالت مُتقدة فينا لتضيء الطريق لما تبقى من جسد أنهكه المسير لتشتعل فينا من جديد رغبة في أن نحيا ونكون، فيا عامي القادم ها أنت طليق في سماء العُمر، ما زلت أرقبك خلف نوافذ القدر، وسأشعل شمعة في قلبي لتنتزعها وتنير لي ظلمة الطريق.

عام جديد قادم ليطوي سنة مضت، وليغلق دفاتر الماضي وآلامه، وليحمل بين طياته رسائل عديدة ومحطات كثيرة ، محطات انتظار وتوقف، محطات انطلاق نحو بوصلة الحياة ورسم معالم هدف متجدد يستمد أنفاسه من رب رحيم وخالق عليم.

أيام قليلة تفصلنا عن خيوط فجر عام جديد، فيا رب نسألك فجراً يشرق معه حلمي الغائب، ونهاراً شمسه سعادتكم، وليلاً تزينه أقمار المحبة والصحبة الناعمة العاشقة لتراب وطن يسكن فينا.

يا صديقي ودعت عاماً كنت أجمل ما فيه وأستقبل معكم عاماً أجمل، فلا تسافر بحثاً عن السعادة فالسعادة على ترابك، فتش عنها بين جدران قلبك وخلف أبوابه، فتش عنها في عقلك ووجدانك، يا ولدي قد يكون العلم أو الرزق في سفرٍ لكن كن واثقاً أن السعادة في وطن يسكن بين جنباتك.

يا ولدي حياتُنا مواقيت ومحطات انطلاق فتزود بالزاد، وخير الزاد التقوى، مشوار الحياة طويل وإن بدا قصيراً، فنهايته إلى جوار الله وصحبة الأطهار، فتخلص من ماضٍ مؤلم واخرج من دائرته وارسم معالم غد أنت أجمل ما فيه بصحبة ماجدٍ أو حبيب، ولم تكن الحياة يوماً في حاضر أو ماضٍ تليد سهلة أو كلها عيد، بل غابرة متعبة والواقع فيها خير شهيد، لكن الفوز فيها أن تخرج سعيدا.

التفاؤل حتمية إسلامية والرغبة بالعيش محطة من محطات الحياة لنصل سوياً إلى محطات الآخرة في جنات العلا، فكلنا يمتلك أشياء جميلة، فقط التفت لها وتنعم بها، فانظر يميناً تجد أبا و أما، أو زوجة رائعة أو طفلاً مبتسماً ترقص عيناه طرباً لرؤيتك، وتزين حياتك صحة وعافية.

يا صديقي أنت في نعم يفتقدها الكثيرون من حولك فكن سعيداً راضياً واستقبل عامك الجديد بحب ورضا وأمل في أنّ غداً أجمل.