لا بد في البداية من تأكيد أن مسيرات العودة هي مقاومة شعبية سلمية بادرت إليها الجموع الفلسطينية المحاصرة في قطاع غزة رفضا لاستمرار الحصار الغاشم، وكذلك لتأكيد حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم وبيوتهم التي حرمهم الاحتلال الإسرائيلي منها، التي تقع في المناطق المحتلة عام 1948.
مشاركة الفصائل الفلسطينية في المسيرات تحصيل حاصل لأنها جزء لا يتجزأ من الشعب، ولكن استمرار المسيرات بقوة وثبات أدى إلى وجود من ينظمها ويتابع عملها من أجل تقليل الخسائر ورفع المكاسب، وربطها بما يتم تحقيقه من أهداف على أرض الواقع.
مسيرات العودة تظل وسيلة نضالية وليست غاية، مثلها مثل باقي أشكال المقاومة. الغاية الأولى من المقاومة هي تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وهناك أهداف مرحلية قد تتحقق من خلالها مثل تحرير جزء من الأرض أو رفع الحصار عن قطاع غزة أو ما شابه.
ما دامت مسيرات العودة مرتبطة برفع الحصار عن قطاع غزة فلا بد أن تكون وتيرتها مرتبطة بما يتم إنجازه، وقد لا يعرف الشارع الفلسطيني ما الذي يدور في الكواليس بين المقاومة والاحتلال من خلال الوسطاء. أنا أيضا لا أدري إلى أين وصلت التفاهمات والمفاوضات غير المباشرة، ولكنني أعتقد أن خفض أيام المواجهات مع الاحتلال قد يعني الاقتراب من التوصل إلى تحقيق أهداف معينة تعود بالخير على الشعب الفلسطيني، وقد أثبتت السنوات الأخيرة أن المقاومة الفلسطينية لا تمنح الاحتلال هدايا مجانية، ولا تخفف عنه الضغوط دون مقابل.
إن جعل مسيرات العودة شهرية بدلا من أسبوعية لا يعطي الذريعة لمن تنصل من المسيرات ورفضها منذ البداية أن يعاتب، لأن المسيرات حققت نتائج حتى لو لم يرها البعض، وكذلك لا يحق لأي طرف أن يطالب باستمرارها بشكل أسبوعي -مخالفا رأي الأغلبية- لأنه غير مطلع على كامل الصورة في غزة، أو لأنه يسعى إلى المزاودة والظهور بمظهر المقاوم الشرس، كل فصيل يعرف حجمه وقدراته ولا داعي للاستعراضات الفارغة.
في الختام أود تأكيد أن أي عمل مقاوم لا بد أن يخدم أهدافا سياسية مشروعة، فلا يوجد قتال من أجل القتال ولا مقاومة من أجل المقاومة، ولا يمكن تصور وجود فصيل مقاتل دون برنامج سياسي يحقق الأهداف المطلوبة، كما لا يتصور أن تضيع الأهداف ويصبح وجود الفصيل أو بقاؤه هو الهدف الأول والأخير