مرة أخرى، عاد عميد الأسرى الفلسطينيين، نائل البرغوثي (60 عاماً)، لغياهب سجون الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن عانق الحرية لسنوات قليلة.
وأعادت دولة الاحتلال الإسرائيلي اعتقال البرغوثي في يونيو/حزيران 2014 مع 60 فلسطينياً من محرري صفقة التبادل المعروفة باسم "صفقة شاليط".
وقضت محكمة إسرائيلية في 22 فبراير/شباط الماضي، بإعادة الحكم السابق لـ"البرغوثي"، والقاضي بسجنه "مدى الحياة".
وأمضى البرغوثي، الذي ينحدر من بلدة كوبر إلى الغرب من رام الله، 36 عاماً في سجون الاحتلال الإسرائيلي، منها 33 عامًا متواصلة، ولُقب بـ"عميد الأسرى الفلسطينيين".
وكان البرغوثي قد اعتقل في الرابع من إبريل/نيسان عام 1978، حينما كان يبلغ من العمر 19 عاماً، وحكم عليه بالمؤبد و18عاماً.
واعتقل جيش الاحتلال الإسرائيلي في ذات العام شقيقه "عمر"، الذي أمضى نحو 26 عاماً في السجون، وابن عمه "فخري" الذي قضى كذلك 33 عاماً.
ووجهت المحكمة الإسرائيلية في حينه للبرغوثي تهمة تنفيذ عمليات فدائية، وتنظيم خلايا للعمل ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، والانتماء لحركة فتح.
وأفرج عنه في أكتوبر/تشرين الأول 2011، ضمن صفقة "شاليط"، إلى جانب أكثر من ألف معتقل فلسطيني، مقابل جندي الاحتلال الإسرائيلي جلعاد شاليط.
وكان البرغوثي قد دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية، كأقدم أسير سياسي بالعالم، يمضي أطول فترة اعتقال عرفها التاريخ في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وتقول إيمان نافع، زوجة "البرغوثي"، إن زوجها عاد لذات السرير الذي طالما كان يحدث والدته عنه.
وتضيف "نافع" وهي أيضا معتقلة سابقة، أمضت 10 سنوات في سجون الاحتلال الإسرائيلي، إنها عاشت مع زوجها 31 شهراً فقط.
وتضيف:" عمّرنا بيتاً وحديقة مجاورة، وحلمنا بحياة هادئة، وبناء أسرة صغيرة، لكن الاحتلال لم يسمح لنا بذلك".
وتتنهد "نافع" قائلة:" عاد الاحتلال ودمر كل شيء في لحظة اعتقال نائل".
وأشارت إلى أن زوجها، خلال الفترة التي قضاها خارج السجن، كان مقيّد الحركة، من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وكان يحلم بزيارة باقي المدن الفلسطينية، ويطمح بإكمال تعليمه الجامعي.
وأشارت إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تتهم "البرغوثي" بالمشاركة في ندوة سياسية في جامعة بيرزيت قرب رام الله، وأن اسمه كان مرشحاً لمنصب وزير الأسرى في حكومة التوافق الوطني في حينه.
وقالت إن إعادة الحكم، تم بذريعة وجود "ملف سري يدّعي أنه انتهك القوانين بعد الإفراج عنه في صفقة التبادل".
وتنفي نافع بشدة، أن يكون زوجها قد خالف شروط الإفراج عنه، وتقول إنه كان ملتزماً بمقابلة مخابرات الاحتلال الإسرائيلي كل أسبوعين خلال فترة الإفراج عنه، ولم يمارس أي عمل سياسي.
وبينت أن دولة الاحتلال الإسرائيلي "تريد الانتقام من المحررين والشعب الفلسطيني، فاعتقال زوجي تعسفي، وأنصح المعتقلين باختيار الإبعاد في أي صفقة جديدة".
وتقول:" الاحتلال لن يكسرنا، بل لا يزيدنا إلا إصراراً على التمسك بالأرض والحرية".
وتضيف أن دولةالاحتلال الإسرائيلي عرضت على زوجها الإبعاد عن الضفة الغربية، لكنه رفض.
وعبرت "نافع" عن ثقتها بأن "المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة"، سوف تفرج عنه قريباً.
وتقول:" قريباً سيطلق سراح نائل، هكذا قال أبو عبيدة (الناطق باسم كتائب عز الدين القسام) ونحن نعلم أنه إذا قال فعل، أملنا أن يكون ذلك قريباً".
وكان أبو عبيدة الناطق باسم كتائب "القسام" الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، قد وصف في تصريح أصدره، الحكم الصادر على البرغوثي، بأنه "منعدم ولا قيمة له"، وأضاف:" قريباً سيفرج عن كل الأسرى".
وتمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي زوجة وشقيقة "البرغوثي"، من زيارته بشكل دوري، كبقية المعتقلين، وتسمح لهما بزيارات متباعدة بدعوى المنع الأمني.
وتستعرض "نافع" بعض المقتنيات التي أخرجها "البرغوثي" من معتقله، وتقول:" كان لدى نائل بُعد نظر، وأخرج مقتنياته من السجن ليحكي قصة المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي من خلال متحف بسيط".
ويحتوي المتحف، على قميص القائد المؤسس لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أحمد ياسين، وفراش بسيط، وأدوات طعام، وبعض الرسومات.
بدورها تقول حنان البرغوثي، شقيقة "نائل"، بينما كانت ترتدي وشاحاً لحركة "حماس"، عن شقيقها:" اعتقل في العام 1978، وأمضى 33عاماً، كنت طفلة كبرت وتزوجت وبت جدة، وما يزال (نائل) طفل صغير، لكنه رجل بمواقفه".
وتقول:" الفترة التي أمضاها نائل بيننا طليقاً، كانت مثل الحلم، رأيته طفلاً يقف بجواري خلال إعداد الخبز، ويرشقني بكرات الثلج في فناء المنزل".
وعبرت عن سخطها إزاء قرار إعادة اعتقاله، وإعادة الحكم السابق له، وقالت:" في المحكمة الإسرائيلية صرخت في وجه القاضي وقلت له: أنتم ظلمة، شقيقي سيفرج عنه قريباً هكذا وعدنا أبو عبيدة".
وأضافت:" قال لي نائل: سأخرج بعد شهر، هذا ما كان يقوله لي دوماً وأنا طفلة صغيرة، حسابات الزمن لديه مختلفة".