منذ اللحظات الأولى لإعلان رئيسة الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية "فاتو بنسودا" عزمها فتح تحقيق بجرائم حرب إسرائيلية "محتملة" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، عبرت دولة الاحتلال عن غضبها من القرار، فالموافقة على التحقيق تُعد مقدمة قانونية لمحاكمة قادة الاحتلال.
ورغم أن دولة الاحتلال ليست طرفاً في الجنائية الدولية، إلا أن نظام روما الأساسي للمحكمة يعطيها وفقًا لنص المادة (4)، شخصية قانونية دولية، وكذلك الأهلية القانونية اللازمة لممارسة وظائفها وتحقيق مقاصدها.
كما للمحكمة أن تمارس وظائفها وسلطاتها, على النحو المنصوص عليه في النظام الأساسي في إقليم أي دولة طرف, ولها أن تمارس تلك الوظائف في إقليم أي دولة بموجب اتفاق خاص مع أي دولة أخرى, أنه وفقًا للفقرة الثانية من المادة ذاتها.
الخبير القانوني، عبد الكريم شبير، أوضح أن قرار الجنائية الدولية يعني أن المحكمة أصبحت مختصة بالتحقيق في جميع الجرائم التي اقترفها الاحتلال أو التي سيرتكبها مستقبلًا ضد الشعب الفلسطيني.
وقال شبير لصحيفة "فلسطين": "المدعية العامة أكدت المؤكد وعززت المعزز بناءً على القرار الذي صدر عن الدائرية التمهيدية في المحكمة".
وأضاف: "قرار المحكمة الدولية، يعد يومًا أسود لقادة الاحتلال؛ فهناك (100) شخصية من قادته يجوبون المجتمع الدولي، وسيكون هناك استدعاءات لهم، وفي حال رفضوا ستصدر مذكرات إلى كل المطارات والموانئ الدولية، لإحضارهم للمحكمة الدولية، والتحقيق معهم وفق اتفاق روما".
وحول الخطوة الثانية بعد إقرار الجنائية الدولية التحقيق في الجرائم التي ارتكبت في فلسطين، أوضح شبير أن المحكمة أصبحت مختصة بكل القضايا، "لذا لا بد من مساندة المدعية العامة على مستوى الكل الفلسطيني وتزويدها بجميع أسماء الضحايا والمتضررين من جرائم الاحتلال بالأراضي الفلسطينية المحتلة حتى يتم تصنيفها وتكليفها قانونيَّا، ويصبح المجال مفتوحًا".
وأضاف: "يجيب على السلطة والفصائل ومؤسسات المجتمع المدني، وخاصة الحقوقية مد المحكمة بالوثائق والملفات، ليتم اتخاذ المقتضى القانوني، وتحديد لوائح اتهام وترفع أمام المحكمة".
وعن الجرائم التي ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة، يرى الخبير القانوني، أنه في حال كانت تلك القضايا منظورة أمام المحاكم الإسرائيلية، واتخذ فيها قرارات غير إيجابية، فمن حق الضحايا الذهاب لمحكمة الجنائية الدولية وفقًا لقرارها الأخير.
واستبعد شبير أن تتعامل سلطات الاحتلال مع المحكمة الجنائية الدولية، "ولكن هناك ما يزيد على (124) دولة موقعة على اتفاقية روما التي توجب تبادل المعلومات وتقديم العون القانوني والقضائي للمدعية العامة في كل ما يخص مقتضيات عملها للتحقيق في الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم التطهير والإبادة الجماعية، والعدوان والحرب".
من جانبه، وصف المختص القانوني نافذ المدهون قرار المحكمة الجنائية بأنه انتصار للحق الفلسطيني، لكون العديد من قادته السياسيين والعسكريين سيخضعون للتحقيق والاستجواب من قبل مدعية المحكمة.
وقال المدهون لصحيفة "فلسطين": "قرار المحكمة أعطانا الحق وفقاً لنظام روما بفتح تحقيقات ومحاكمة المجرمين الإسرائيلي، وبالتأكيد ذلك سيؤدي إلى نتائج إيجابية، ويؤكد ارتكاب سلطات الاحتلال وقادتها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني".
وبشأن المطلوب فلسطينيًّا للاستفادة من قرار المحكمة الدولية، أكد المدهون ضرورة وجود استراتيجية فلسطينية وطنية واضحة للتعامل مع القرار، ومتابعة الإجراءات مع المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية.
كما لفت إلى أهمية عمل المنظمات الشعبية والعربية والإسلامية والدولية خاصة الأوروبية على مساعدة الفلسطينيين بتقديم إفادات للمحكمة الدولية حول جرائم الاحتلال.

