فلسطين أون لاين

هل تكون قمة كوالالمبور نقطة تحول في تاريخ الأمة الإسلامية؟

بدأت قمة كوالالمبور في ماليزيا أعمالها بمشاركة 450 من علماء ومفكري وساسة العالم الإسلامي قادمين من 52 دولة، من بينهم قادة عدد من الدول أبرزها: ماليزيا، وقطر، وتركيا، وإيران، في حين انسحبت إندونيسيا وباكستان في اللحظة الأخيرة.

ومن بين المشاركين قادة جماعات إسلامية مثل حركة حماس وعبد الرزاق المقري من الجزائر وراشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي.

المؤتمر يعقد سنويًّا منذ عام 2014م لكن أخذت أهمية خاصة هذا العام، بعد اجتماع بين رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد والرئيس التركي رجب أردوغان ورئيس وزراء باكستان عمران خان على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، واتفاقهم على عقد قمة إسلامية مصغرة في المؤتمر.

أهداف القمة كما قال مهاتير محمد (صاحب الفكرة) هي مناقشة قضايا الأمة الإسلامية وإيجاد حلول قابلة للتطبيق، أما أردوغان فتكلم عن وقف تحكم مجلس الأمن بمصير 1.7 مليار مسلم، في حين يعقد المؤتمر تحت شعار "دور التنمية في تحقيق السيادة الوطنية".

من أهم القضايا التي تطرق لها المؤتمر: فلسطين وكشمير ومسلمو الإيغور في الصين ومسلمو بورما، إضافة للتنمية الاقتصادية للدول الإسلامية.

عارضت السعودية والإمارات بشدة المؤتمر وضغطت على باكستان وإندونيسيا للانسحاب، وهنالك معارضة صهيونية وأمريكية لكن غير علنية.

الهدف العام من المؤتمر هو البدء في عملية بناء أسباب القوة والوحدة الإسلامية، واختار مهاتير محمد عددًا محدودًا من الدول حتى يمكن التقدم بخطوات عملية، وهي دول بينها نوع من التجانس.

وبالأخص قطر وتركيا وماليزيا فهي دول ناجحة اقتصاديًا، وتغرد خارج السرب الأمريكي ودخلت في صدام مع أمريكا ومرتزقتها على فترات مختلفة (محاولة الانقلاب على أردوغان، وحصار قطر، والأزمة الاقتصادية في ماليزيا أواخر التسعينيات).

الدول الثلاثة توفر حاضنة آمنة للإخوان المسلمين العرب، ولهذا يصف إعلام السعودية والإمارات المؤتمر بأنه مؤتمر الإخوان المسلمين.

والدول الثلاث عندها رغبة في بناء نظام إسلامي قادر على التصدي للدول الكبرى مثل أمريكا والصين، فإحدى العقبات الكبرى أمام مساعدة الشعب الفلسطيني أو الإيغور أو كشمير هو عدم وجود قوة قادرة على الوقوف بوجه أمريكا أو الصين أو الهند.

ليست أول مبادرة من نوعها فقد أطلق رئيس الوزراء التركي السابق نجم الدين أربكان مبادرة الدول النامية الثمانية (D8) وضمت أكبر 8 دول إسلامية أواخر التسعينيات (تركيا وإندونيسيا وماليزيا ومصر وبنغلاديش وإيران والباكستان ونيجيريا) إلا أن المبادرة بقيت شكلية لأسباب أهمها: الانقلاب على أربكان (صاحب الفكرة)، وعدم التجانس بين الدول الثماني.

تبقى المشاركة الإيرانية في المؤتمر غريبة بالنسبة للبعض لكن أعتقد أنها ضرورة متبادلة، فإيران بحاجة لفك الحصار الأمريكي عنها والدول الثلاث بحاجة لدولة بحجم واقتصاد إيران حتى يستطيعوا بناء تكتل اقتصادي وسياسي قادر على مواجهة أمريكا.

أمريكا تسيطر على العالم باقتصادها ودولارها القوي، وكسر هذه الهيمنة ليس بالأمر السهل وبحاجة لتضافر جهود كثيرة وعمل لسنوات طويلة.

الفكرة التي تقوم عليها مبادرة مهاتير محمد بناء قوة اقتصادية إسلامية، وتعزيز الروابط بين الدول الإسلامية في القضايا التي تمثل إجماعًا إسلاميًا (مثل فلسطين وكشمير والإيغور وبورما)، ومن ثم الانتقال لخطوات أخرى.

فلدى مهاتير محمد وجهة نظر هامة فهو يؤمن بالبدايات الصغيرة لكي يضمن النجاح ثم التوسع تدريجيًّا.

يتحفظ آخرون على مشاركة إيران خاصة بسبب دورها في سوريا واليمن، لكن لكي تنجح يجب أن تكون واقعيًا والسياسة فن الممكن، وفي النهاية النظام الطائفي الإيراني سيزول وسيبقى الشعب الإيراني ويجب الإبقاء على شعرة معاوية معه.

أخيرًا:

ما زالت الأمور في مرحلة نقاش الأفكار وتداولها فهذا الهدف المباشر للمؤتمر، والأهم هو بناء هذا التحالف الإسلامي القائم على أساس الإنجاز والتقدم الحقيقي في الميدان.