أسقطت كتائب القسام عقول "الشاباك" و"الاستخبارات العسكرية - أمان" الإسرائيلية، فيما كشفته في فيلم "سراب"، وحولتهم إلى أضحوكة، كما أسقطت من قبل وفضحت نخبتهم الخاصة "سيريت متكال" وقتلت قائدها وأصابت آخرين، وأسقطت وقتلت وأسرت جنود الاحتلال في أكثر من عدوان على غزة.
إن قدرة القسام على توظيف عميل مزدوج مرتبط مع 5 ضباط مخابرات لمدة عامين، داخل منظومة الاحتلال الأمنية، وتضليل أمن الاحتلال وحصوله على معلومات مهمة ومعدات قيمة، وقدرتها العالية على التحكم بمجريات الأمور لتتضح -وقتما أرادت القسام- أنها "سراب"، يعبر عن تقدم كبير في عملها الاستخباري والأمني لا تملك إلا أن تفخر به وترفع له القبعة احتراما.
المعركة بين المقاومة والاحتلال تطورت وعلى أشدها في الميادين كافة، برا وبحرا وجوا، في حرب المعلومات والإرادة والعقول والفضاء الأزرق، تمكنت المقاومة من إدارتها بذكاء وحكمة وقدرة عالية، وأحبطت العديد من عملياته الصامتة التي تدرك قيادة المقاومة وتضع في حسبانها استمرارها حتى يكتب الله لها النصر.
وحتى نفهم عظم ما حققته القسام علينا أن نقرأ بعمق ووعي أن غزة الخاضعة للحصار المشدد منذ أكثر من 13 عاما، لا تغادرها الطائرات الحربية الإسرائيلية المسيرة لحظة واحدة، ويسيطر الاحتلال على شبكة اتصالاتها العامة، ويمنع دخول مئات أنواع السلع، ويحظر التوغل في بحرها، ويحارب كل قرش يدخل إلى أبنائها، ونفذت مئات الهجمات الصاروخية عليها وثلاث حروب وحشية، هذه غزة بمقاومتها انتصرت على دولة يضخ إليها وإلى أجهزتها الأمنية وجيشها سنويا مئات الملايين من الدولارات وأحدث الأسلحة والتقنيات التكنولوجية وأجهزة الاتصالات المتطورة.
تقديري أن كتائب القسام تفرج لنا وللاحتلال فقط عن العمليات التي انتهى مداها وحققت أهدافها، لكنها لم تكشف كل ما في جعبتها، وتتحيّن الفرصة والتوقيت المناسبين للكشف عن بطولات شعبنا وعقوله الفذة لتؤكد لنا أن هناك العشرات من "حد السيف" و"سراب" وأننا أمام بيت العنكبوت الواهن (إسرائيل) وما علينا فقط إلا أن ندخل عليهم الباب لتحقيق الانتصار.
تداعيات الانتصارات الأمنية لغزة المحاصرة على أمن واستخبارات الاحتلال ستجعل عشرات الأسئلة تقفز في عقول الجمهور الإسرائيلي وتهز ثقة الفرد والمؤسسة بأجهزتهم وقدرتها على تحقيق الأمن والأمان، فما بالك بقدرتهم على النصر؟!
الصفعة الجديدة التي وجهتها كتائب القسام واستخباراتها إلى أجهزة أمن الاحتلال في "سراب" تعكس لنا أهمية توفر الإرادة والقرار بالمواجهة والعمل للنصر، وأن (إسرائيل) وجيشها وأجهزتها العملاقة فضح أمرها وباتت نمرا من ورق.
لم يكن الشاباك وأمان وجيش الاحتلال الأقوياءَ في معاركنا السابقة، بل كنا نحن الضعفاءَ بعدم توافر إرادة وقرار حقيقيَّيْن بالمواجهة لدى القيادة العربية، لكن السؤال الذي يراودني: ماذا لو توافرت الإرادة والقرار والعمل لدى أجهزة أمن الضفة بمواجهة المحتل كما تقوم المقاومة في غزة؟ كيف ستكون أوضاع الاحتلال؟ وكم سيبقى من عمره على أرضنا؟!