إنه وبغض النظر عن الاختلاف الحاصل بين رام الله وغزة فيما يتعلق بالإجازة الرسمية احتفالا باليوم العالمي للمرأة، فإن الطرفين يجتمعان معا في صعيد واحد على تكريم المرأة بشكل عام والمرأة الفلسطينية بشكل خاص. ومن ثم ينحصر الاختلاف في الإجازة دون المرأة وما تستحق من تقدير.
يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء خيرا" ويقول :" خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي". لا يكرم المرأة إلا كريم، ولا يهينها إلا لئيم، ولن تجد في القوانين الوضعية ما يرقى إلى مستوى الشرع الحكيم في العناية بالمرأة، وحفظ حقوقها.
الشرع الحكيم يحتفي بالمرأة أمًّا وزوجةً وأختًا احتفاء يوميا على مدار العام، ويجعل هذا الاحتفاء عبادة يثاب عليها الرجل الأب والزوج والابن، "من أحق الناس بحسن صُحبتي يا رسول الله؟ قال: أمك. قال ثم من؟ قال أمك. قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك.
وإذا نظرنا من زاوية وطنية فلسطينية، وجدنا المرأة الفلسطينية تخوض الكفاح ضد المستعمر جنبا إلى جنب مع الرجل، وتقوم على تنشئة الأبناء على الجهاد في سبيل الله، وتتحمل تداعيات اعتقال أبنائها وزوجها وإخوانها، كما تصبر عند استشهاد أحدهم حسبة لله، فهي امرأة مناضلة ومكافحة، وهي شقيقة الرجل في هذه الأعمال النضالية.
المرأة في غزة تتحمل أعباء الحصار وتداعياته جنبا إلى جنب مع الرجل، بل تكاد تكون معاناتها أشد من معاناة الرجل، وأن يفرد العالم يوما سنويا يحتفل به بالمرأة، فهذا شيء قليل مما يجدر فعله للمرأة في عام كامل.
المرأة في الإسلام وفي وطننا العربي ليست سلعة للمتعة والترفيه كما في أوروبا مثلا، بل هي أم وأخت، وزوجة، وهي نصف المجتمع، وهي تمتلك من الحقوق ما يمتلكه الرجل سواء بسواء، ومع ذلك لم يخص الفقهاء المرأة بعيد وإجازة عن العمل، كما تفعل الدول في العصر الحديث. ولكن الدول الأوروبية سبقتنا في العصر الحديث في الحديث عن المرأة، وعن حقوقها، وإبراز مظاهر الاحتفال بها، ومساواتها بالرجل في الوظائف العليا.
نحن في بلادنا العربية والإسلامية نمتلك أكبر تراث عن المرأة وحقوقها ومنزلتها، وتاريخنا حافل بنماذج عليا للمرأة أُمًّا وزوجة، وقائدة وحكيمة، وصاحبة مشورة ورأي صواب، غير أننا غفلنا عن هذا التراث الكريم ، وأخذنا نلهث خلف شقشقات البلاد الأوروبية في هذا المجال، فكان المنتج امتهان المرأة من جانب، وتكريمها من جانب آخر، وهو أمر يستدعي منا في هذه المناسبة العودة إلى الأصول والجذور وما هو موروث مما يصلح شأن المرأة ومكانتها، ويحقق مقولة "النساء شقائق الرجال" . كل التحية للمرأة بعامة، وللمرأة الفلسطينية على وجه الخصوص.