لا يستطيع كثير من الاقتصاديين تصور اقتصاد بدون فوائد ربوية أي الفائدة صفر أو فائدة سلبية، وعليه يعتبرون تزايد ظاهرة قيام بنوك مركزية في العالم في العقد الأخير كالبنوك اليابانية والسويسرية بتخفيض الفوائد الربوية على القروض البنكية، بأنه خطأ تاريخي، لذا انتقدوا الرئيس التركي أردوغان الذي قام في يوليو 2019 بإقالة محافظ البنك المركزي لرفضه سياسته تخفيض الفوائد، معتبرين إياه إسلاميًّا يريد الاقتراب قدر الإمكان من النموذج الإسلامي الذي يرفض التعامل بالربا، كما انتقدوا ترامب لتخفيضه الفوائد لأسباب سياسية وانتخابية.
بشكل عام فإن الهدف الرئيس للبنك المركزي هو الحفاظ على قيمة النقود أو بمعنى الحفاظ على بقاء الأسعار مستقرة، وذلك من خلال التحكم بنسبة الفائدة، فرفع سعر الفائدة يعني رفع سعر النقود، وبالتالي تشجيع الادخار وتخفيض الطلب على القروض لأنها أصبحت مكلفة أكثر مما يؤدي إلى تقليل كمية النقود في السوق والمساهمة في كبح الأسعار والتضخم، لكنه في المقابل قد يرفع قيمة العملة المحلية أمام الدولار كما يحدث في (إسرائيل)، مما يضعف التصدير وبالتالي الانتاج، وهذا يسهم في تخفيف معدلات النمو والرواج وقد يزيد من الانكماش وهو الأمر الذي لا تريده الدولة في كثير من الأحيان وقد يمس هذا أيضًا بأصحاب المشاريع الصغيرة.
عند تغيير نسب الفائدة يأخذ البنك المركزي بعين الاعتبار عوامل كثيرة من أهمها نسب التضخم المالي كما يظهر في مؤشر غلاء المعيشة، فإن كانت نسبة التضخم ضمن المجال المستهدف يتم في الغالب الحفاظ على نسبة الفائدة، أما إذا ارتفع التضخم فإن التوجه إلى رفع نسبة الفائدة، وعلى الأقل عدم تخفيفها كما يؤخذ بعين الاعتبار عامل الأداء الاقتصادي خلال السنة، كأداء سوق العمل والطلب على الوظائف وانخفاض البطالة، كذلك سوق الإسكان والعوامل الخارجية.
إن تقديرات الفوائد الصفرية أو الفوائد السلبية مختلفة لدى الاقتصاديين وقد تكون متناقضة، فهي على حد تعبير أحد كبار المحللين الاقتصاديين في (إسرائيل) دفنا ماؤر في ذي ماركر 4-11-2019 "تشوه الأسواق وتمس بآلية الجزاء والمخاطرة وتشجع على زيادة الديون وتزيد من فقاعة العقارات والأملاك، كما أن لها تأثيرات اجتماعية سلبية". فهي تشجع الفجوات الاقتصادية وتزيد من الحافزية لأخذ المزيد من الديون لأصحاب الدخل المحدود.
يشار إلى أن (بنك إسرائيل) يحافظ على نسبة الفائدة لذا فلم يقم بعلاج التداعيات السلبية من تزايد قوة الشيكل أمام الدولار -والذي زاد في العقد الأخير بنسبة 10%، وفي العقدين الأخيرين بـ20%- من خلال تغيير الفائدة إنما اختار طريقة زيادة الطلب على الدولار لرفع سعره من شراء كميات كبيرة منه، مما أسهم بشكل محدود وقد يكون مؤقت في الحد من قوة الشيكل.
قد يكون تراجع الفوائد لدرجة صفر هو أمر فرضته وقائع الاقتصاد طويلة المدى قبل أن تفرضه مبادئ الدين الإسلامي، أما الفوائد السلبية فقد تكون نوعا من التخبط للوصول في النهاية إلى التوازن وهو صفر فائدة.