فلسطين أون لاين

تقرير تخويف طفلك بـ"أبي رجل مسلوخة" يدمره

...
غزة/ أسماء صرصور:

شرطة الأطفال، وأبو رجل مسلوخة، وأمنا الغولة، والحرامي، والطبيب، وحقنة الدواء (الإبرة)، وغيرها من قصص أو مسميات تستخدمها الأم لتخويف طفلها، كلها تقع في نطاق ارتكاب الجرائم بحق الطفل وبراءته.

لماذا؟، تجيب المرشدة التربوية دعاء طافش: "يولد الطفل وهو يحمل مستوى طبيعيًّا من الخوف، وهو الخوف الوارد والمتكرر في بعض الأوقات، ولا يسبب خللًا في السلوك"، لكنها تحذر: "إذا زاد الخوف عن الحد الطبيعي، فهو ينم عن خلل في التربية واتباع أساليب التربية الخطأ بتخويف الطفل بشرطة الأطفال أو غيرها، فهذه القصص لا تصلح أبدًا وسيلة من وسائل التربية".

وتستنكر طافش من يقول إن الأطفال لن يتأثروا بهذه القصص، قائلة: "سن الطفولة حجر الأساس في المستقبل، وأول ست سنوات هي أهم مرحلة لتكوين شخصية الطفل -كما يقول معظم علماء النفس- وأي اختلالات أو مشكلة في أساليب التعامل مع الطفل يتبعه بعد ذلك مشكلة في السلوك".

وتنبه إلى أن الطفل حال سماعه القصص المخيفة يرسم في خياله صورة ذهنية عن أبي رجل مسلوخة مثلًا، وهذه الصورة الذهنية الخيالية ستكون مرعبة، وسيخزنها الطفل في اللاوعي تخزينًا مرعبًا، وستؤثر فيه لاحقًا، مشيرة إلى أنها تزرع عنده بعض المعتقدات والخبرات التي يصعب محوها، ويتكون عنده الخوف غير الطبيعي.

وتقول المرشدة التربوية: "الطفل من سن سنتين إلى ست سنوات ما يزال في مرحلة النمو، وتخويفه في هذه السن المبكرة يعرض مخ وأعصاب الطفل للتلف"، مبينة أن ذلك يضعف الجهاز المناعي له أيضًا، وينعكس سلبًا على عمليات التعلم والانتباه والتركيز وتخزين المعلومات واسترجاعها فيما بعد.

وتنبه إلى أن بعض الأمهات تتبع أسلوب: "يا بتنام يا بجيبلك العوْ"، وهذا يؤدي إلى تجميد حركة الطفل، ما يؤثر سلبًا في نموه، ويسبب الإنهاك والإعياء لجسم الطفل، ويعيق عمل الجهاز العصبي والجهاز التنفسي، "وهذا كله على صعيد الأمور الفسيولوجية والبدنية"، كما تقول.

أما على صعيد الأمور النفسية –تتابع طافش- فهو يترك لدى الطفل آثارًا نفسية مدمرة، مثل تدمير ثقة الطفل بنفسه وبالآخرين، ويسبب عنده انفعالات نفسية مدمرة، قد تؤثر عليه ليلًا، وتأتيه على هيئة كوابيس، نتيجة تخزين هذه الصور المرعبة، ويتطور الأمر لتبول لاإرادي ليلي، ونوبات من الهلع والفزع، فيتأصل الخوف في نفس الطفل، ويتطور إلى حالة مرضية يصعب علاجها في المستقبل.

وتشير إلى أن معظم الأطفال الذي يواجهون هذه الأمور يميلون إلى العزلة وقضم الأظفار، خاصة أن الطفل في أول عمره لا يميز الحقيقة من الخيال، وعند تخويفه تنغرس هذه الأمور في ذهنه، ويتعامل معها على أنها واقع.

وتلفت المرشدة التربوية إلى أن الأسلوب الصحيح للتعامل مع الطفل هو أسلوب الحب والاهتمام، والتعامل الإيجابي يسهّل التعامل معه لاحقًا.

أما بشأن نسيان الطفل هذه المواقف والقصص المرعبة بعد كبره، فتعلق: "معظمنا يستخدم هذا الأسلوب في سن الطفل لا يستطيع فيها تمييز الخيال من الواقع، كأننا نضع ملفات تكوّن الشخصية، لذلك ستبقى في ذاكرته".

وتكمل طافش: "إن هناك احتمالية لنسيانه فيما بعد، لكن الأم ستكون وضعت طفلها على بداية سلم الاضطراب، وأفسدت أشياء نفسية وبدنية وعصبية في مرحلة الطفولة، وسيبقى في نفسه الاضطراب، ما لم يعالج نفسيًّا عند الاختصاصيين".