الانتقادات للمستشفى الأمريكي في قطاع غزة زادت على حدها مع سكوت تام من جانب الفصائل التي توافقت مع حماس على إقامة المستشفى ضمن التفاهمات بين المقاومة والاحتلال بوساطة ورعاية مصرية.
آخر تلك المقولات أن المستشفى الأمريكي ليس بريئًا وأن أمريكا التي حرمت مستشفيات الضفة الغربية من المساعدات وتزود الاحتلال الإسرائيلي بالسلاح لا يمكنها أن تقدم على خطوات إنسانية، وأن الحرة تموت ولا تأكل بثدييها. هذا كلام جميل جدًّا وعاطفي إلى أبعد الحدود، ولكن لماذا لم تنقطع العلاقات الفلسطينية الأمريكية عندما حاصر المحتل الإسرائيلي قطاع غزة وضربه بالفوسفور الأبيض وبمختلف الأسلحة الأمريكية؟ لماذا كانت منظمة التحرير الفلسطينية تضغط على حركة حماس وتطالبها بالانصياع لرؤية اللجنة الرباعية للشرق الأوسط التي كان يقودها توني بلير بالوكالة عن الولايات المتحدة الأمريكية؟
عندما تقدم الولايات المتحدة الأمريكية المساعدات لن تكون خالصة لوجه الله وهذا يعرفه القاصي والداني، وأمريكا عدو لدود للشعب الفلسطيني وقضيته، والمساعدات التي كانت تقدمها الولايات المتحدة للشعب الفلسطيني مسيسة، والمساعدات التي قدمتها بواسطة منظمة يو أس ايد كانت لمحاربة المقاومة الفلسطينية، وما زلنا نذكر تدخلها في الانتخابات الفلسطينية ودعمها لفصائل أوسلو، فهل كان ذلك الدعم بريئًا مثلًا؟ أما موافقتها على إقامة مستشفى في قطاع غزة، فهذا يأتي ضمن الخضوع الإسرائيلي للمقاومة الفلسطينية وهو جزء من التفاهمات بين المقاومة والمحتل الإسرائيلي برعاية مصرية، أي أن هذا الدعم هدفه تخفيف التوتر وضغط المقاومة على المحتل الإسرائيلي، ولا ضير في ذلك طالما يستفيد منه الشعب الفلسطيني ويخفف من معاناة المرضى، علمًا بأن تلك خطوة من خطوات كثيرة مطلوبة من الاحتلال، فإن توقف الاحتلال عن تنفيذ التفاهمات أو استمر في المماطلة فإن المستشفى لن يبقى في قطاع غزة، وإن استغل الأمريكان وجود المستشفى لأغراض تضر بالمصالح الفلسطينية فسيتم وقفه عن العمل وإخراجه من القطاع، ولكن أن نطالب بمنع إقامة المستشفى وإبقاء الحصار بحجة أن الحرة تموت ولا تأكل بثدييها فهذا أمر مردود على قائله، لأن المستشفى وجد بقوة المقاومة وعزتها وكرامة أهلنا في قطاع غزة ولم يوجد بسبب الاستسلام والخضوع لأمريكا أو في إطار صفقة القرن كما يزعم البعض، ثم لماذا تتركون الحرة تموت وأنتم تتفرجون عليها؟ لماذا؟